أرأيت يا أستاذ : كيف أن السيد الرئيس " بشار الأسد " وقيادته الحكيمة والقوية لم تهتز ، ولم تتأثر أمام هذه المؤامرة الكونية التي حيكت ضدنا ، ألا يمكن رد ذلك الأمر إلى البنية السياسية الصلبة القائمة عليها ، والتي أرسى قواعدها القائد الخالد " حافظ الأسد " ، والتي استمرت ثابتة لغاية اليوم بما تحضى به من دعم أكثرية الشعب السوري ..!؟
أليس ذلك مرده للدور الاستراتيجي الذي تقوم به سورية ، من خلال تبنيها لقضايانا القومية ، ودفاعها المستميت عن هموم العرب والعروبة ..!؟
ثم ألا تتفق معي أن الأزمة في سوريا بعد هذه المدة إلى زوال ، أنا متيقن أنها إلى زوال وسوف يتم القضاء سريعا على هؤلاء " المخربين السلفيين المندسين الإرهابيين " الذين روعوا الشعب ، هؤلاء الذين أبو إلا أن يخربوا البلد ، ويدمروا مقدراته ، ويقتلوا الأبرياء فيه ، بالرغم من استجابة السيد الرئيس لهم ولكل مطالبهم ، وبدءه الدفع بعجلة الإصلاحات السياسية بشكل منتظم " بسرعة ولكن بدون تسّرع " ، لتلبي في النهاية كل المطالب التي كانوا يطالبون بها ..!؟
ثم ألم ترى أن مجلس الأمن الدولي بعظمته وسلطته ، وهيمنة الدول " الامبريالية " عليه ، وبرغم التآمر علينا من القريب والبعيد ، والضغوط العالمية على سوريا لم يستطع أن يصدر قرار يدين سوريا كما كانت تريد وترغب به أمريكا وإسرائيل ..!؟
صمت صاحبي عن الكلام وكأنه أراد أن يمنحني فرصة الرد على ما قال ، لكني أقول لكم بكل صراحة ضبطت أعصابي بعض الشيء .. ولو على مضض ، وصبرت على ما قال صبر المقهور ، وبدأت أحاول أن أكون منطقيا في ردي عليه ، وأبتعد ما أمكنني عن قلة الأدب ، خصوصا تجاه مثل هكذا كلام مستفز .. فقلت له :
يا صديقي .. من المجنون الذي قال لك أنه تفاجئ مما يجري ، نحن لم نفاجئ ، ولا يجب أن نتفاجئ من تباطؤ المجتمع الدولي في ردة فعله تجاه ما يحصل لنا في سوريا ، كما لم تفاجئنا ولن تفاجئنا لا المواقف الخجولة على المستوى العربي ولا الدولي ، ولا حتى المخزية منها في مجلس الأمن الدولي ، لطالما أن هناك توافق بين الدول الاستعمارية الكبرى في العالم على بقاء السلطة الاسدية ، لذلك لا غرابة في ما لو غابت أو تغيبت الإرادة الدولية الحقيقية في إيجاد ولو " حل مقبول " يكون فيه الشعب السوري هو مصدر شرعية السلطة الحاكمة ، أو إصدار قرار شديد اللهجة يضغط على " الأسد الصغير " وميلشياته وشبيحته الأمنية الحاكمة والمتحكمة لوقف حمام الدم الذي لم يتوقف منذ اليوم الأول لاحتجاجات درعا .
نعم يا صديقي أعترف لك بأن مجلس الأمن عاجزا عن إصدار قرار إدانة وربما حتى إشارة باتجاه هذه السلطة ، ولا يمكنه حتى أن يلوح ببيان تحذيري يظهر نوعا من " الامتعاض أو الخوف " على مستقبل سوريا ، أو دعني أقول لك أكثر من ذلك ، إن مجلس الأمن الدولي عاجز عن إعطاء " رأي أخلاقي " موحد تجاه ما يجري ، لعل وعسى أن هذا الرأي يساهم أو يساعد على وقف المجازر المروعة اليومية بحق شعبنا الأعزل ، التي ما انفكت تقوم بها هذه السلطة الإرهابية المجرمة ، التي يتزعمها " الرئيس بشار الأسد "، التي يفترض بها أن تكون الحامية والمدافعة عن سوريا وشعبها من أي اعتداء أو تهديد خارجي ..
لنكون صرحاء أقله مع أنفسنا ، نواجه الحقيقة ومهما كانت مرة ، ولا ندفن رؤؤسنا في الرمال كما يفعل النعام ..
يا صديقي العزيز إن كنت لا تدرك حقيقة ما يجري وخلفياته فأنت بلا شك ظالم لنفسك ، وجاهل متمسك ، فالكل يدرك أن العلاقة فيما بين الدول لا تحكمها إلا المصالح وليس للعواطف مكان في عالم العلاقات الدولية ، وهذه قناعة وصل إليها كل سوري ، بالتالي لا يمكن أن يراهن أحد من شعبنا السوري إلا على الله وحده أولاً ، ومن ثم على قدراته الذاتية الداخلية ، وعزيمة شبابه الموجودين في ميادين القتال الذين يؤكدون هذه الحقيقة من خلال وقوفهم ضد حكم السلطة التي يرأسها " الرئيس بشار الأسد " ..
وهذا الشعب يدرك جيدا أن المصالح دائما تتقدم على القيم والأخلاق والعواطف ، وهذا أمر طبيعي ، وربما لن تجد أحد يستغربه ، سيما وان القاعدة الأساسية في السياسية وعلاقات الدول مع بعضها سواء كانت في مجلس الأمن أو خارجه لا تخرج عن عنها ، وكما ذكرت لك فشعبنا بدون أدنى شك يفهم ويتفهم هذا الأمر جيدا ، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالتحديد في " سوريا وأهميتها الجيو إستراتيجية " .
ثم أن الأمر الأهم يا صديقي .. هي تلك الخصوصية التي تحظى بها تركيبة ودور سلطة " الرئيس بشار الأسد " أمام الدول النافذة في العالم ، والتي تبدو واضحة كل الوضوح ، وما التشبيه الأقرب للسلطة الحاكمة هذه برئيسها ، التي سقطت أخلاقياً قبل سقوطها السياسي ، وربما أفضل وصف يمكن أن نصفها به ، وينطبق عليها تماما هي " العاهرة " أجلكم الله .. نعم .. " العاهرة " الفاتنة .. المثيرة والجذّابة لكل الباحثين عن شهوات الهيمنة والنفوذ ..
وهذا وصف وليس " تشويه أو شتيمة " ، وسيجد من يبحث ويراقب أن وصفي هذا حقيقة وليس تجني على زعيم وطني كبقية زعماء البلدان في العالم ، على الإطلاق ..
لا ربما هو أسوأ من ما ذهبت إليه ولعل اللغة العربية ومفرداتها لا تسعفني في إيجاد وصف أدق واقرب لواقع هذه السلطة ومؤسسها ..
فهي أي " السلطة الحاكمة " لمن يجهلها ولا يعرفها تسلب لب الخارج ، وتجمع المتخاصمين عليها ، يخفق لها قلوب العشاق ، وتخدع المهووسين اللاهثين وراء اللهو والوناسة في مصائر الشعوب ، فتجتذب إليها المنحرفين والشواذ أخلاقيا ، والمدمنين والمخمورين ، الراكضين خلف المتع الرخيصة .
هذه " الراقصة " الفاتنة أو " المثيرة " يا صديقي العزيز .. أوجدت لها هيبة وهالة وحضور ومكانة على سفالتها ، كما هو حال راقصة الخلاعة أو " الستربتيز " ، فصار لها ومن خلال خبرتها الطويلة " وفنها " المميز معجبين ومريدين ، يعشقونها ، ويصفقون لها بحرارة وجنون عندما تتلوى أمامهم بجسدها العاري ، عارضة لهم بالزهيد بضاعتها المطلوبة ، ويزداد هوسهم بها ويشتد التصفيق والحماس والهتاف لها كلما زادت حركاتها التعبيرية إثارة أمام سكارى المصالح من صناع القرار السياسي في العالم ..
لكنها وبالرغم من هذه المكانة الظاهرية .. تبقى بشكل دائم تحت تأثير شعورها الداخلي بالتفاهة والسفالة والدناءة ، وحتى تتغلب على شعورها ، عملت على تحصين وحماية نفسها بعشاق ومريدين من أصحاب " النفوذ والمونة والقرار " في كل المجالات ، فبنت لها علاقات قوية ، أصبحت بالنسبة لها وجودية مصيرية ، مع أصحاب الثروات والمال ، ووصلت نفسها عضويا بصلات إجرامية مع عصابات القتل والإجرام وتجار المخدرات .
تخيل معي أمام هذه الصورة .. يا صديقي ، هل ستجد .. وبعد هذا الوصف من يجرؤ على إيذائها ، أو حتى على مسها ..!؟
بكل تأكيد لا ..!
تلك مع شديد الأسف .. هي حالتنا مع " السلطة السورية " التي تحكمنا منذ عقود من الزمن ، فـمؤسسها " الراقصة الأكبر حافظ الأسد " أجلكم الله .. ، وحتى تدان له الرقاب ويثّبت سلطته العائلية الوراثية ، ويحميها من التهديدات الداخلية الشعبية المحتملة ، عاش نرجسيا منطويا ومتوجساً ، وهو يشعر بالنقص الناتج عن انتماءه الاقلوي ، وشعوره بالسفالة والحقارة والدناءة ، فاتفق مع اللاهثين على قاعدة تبادل المصالح ، كما " العاهرات وبائعات الهوى في بيوت الدعارة " مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ اليوم الأول لاغتصابه للسلطة على حمايته وعائلته في الحكم أولا ، بعدما استولى على الحكم بانقلاب عسكري ، في مقابل دور إقليمي يقوم على حماية مصالحها في المنطقة ، والمحافظة على حدود إسرائيل آمنة مستقرة من أحرار وثوار الشام المعروفين .
وضرب بشكل ممنهج ومدروس المقاومة الفلسطينية في مقتل ، وقسمها إلى فصائل ومنظمات ، وضم إليه الأقذر والأسوأ منها كأدوات يستخدمها وقت ما يشاء وأينما شاء ، كما هو حال الأحمق الشرير" أحمد جبريل " مسئول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة ، وفوق هذا راح ينصب أبشعهم زعامات ومسئولين لمواخير " المقاولة الأقرب للدعارة منها لشيء آخر غير المقاومة " ، التي بقيت تعمل له كأوراق لعب إرهابية سياسية تخدم أهدافه ومقاصده الخاصة والضيقة ، وللأسف الشديد أن بعض هؤلاء الفلسطينيين باعوا قضيتهم الأساسية قبل أنفسهم في مقابل متع رخيصة وقليلة من " مواخير الدعارة الاسدية "، فنسوا مقاومة المحتل الإسرائيلي ، وراحوا يتقاتلون مع الفصائل المعارضة لنهج " الراقصة " الانتهازي في لبنان ..
أقولها بصراحة لقد تم له ذلك ، ونجح إلى حد بعيد بتسهيل من العملاء والزبائن المتعاملين معه سواء كانوا في الغرب أو من العرب " كما العاهرة الخبيرة " وتوج هذا النجاح فيما بعد باحتلال كامل لبنان وبتواطؤ أو دعم بقية دول العالم ..
أما في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي وبُعيد " الثورة المذهبية الصفوية الخمينية " في إيران التي ساهم هو في دعمها وإنجاحها ، حقق " حافظ الأسد " مؤسس السلطة القائمة لقائدها " الخميني " في جلسة متعة شاذة ، حلمه المريض وهوسه الانتقامي بالوصول إلى بلاد الشام الأموية ، ومياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة ، ليكون " الخميني " التالي بعد الملك الفارسي " كورش " وليمكّن له حكم شعبنا السوري ، الذي كان في أوج ثورته ، فهذا الشعب محسوب في معتقد الخميني على انه من أحفاد " بني أمية الذين ناصبوا العداء لآل البيت " ..
نعم ..
لقد اتبع " حافظ الأسد " مؤسس هذه السلطة القاتلة ، أسلوب اقل ما يمكن وصفه بالنذل ، وأبدى نهج فيه عهر بيّن ، وربما فاقت نذالته وعهره " ابن العلقمي " في استقدام الفرس إبان العصر العباسي ، فدنس أرض الشام الطاهرة بأقدام الفرس ، ولوثها بحقدهم المذهبي ألصفوي الأبشع ، والمرتبط بشخص وفكر وعقيدة ومرامي أهداف الخميني .
أما فيما يخص التاريخ القريب ، وتحديدا في نهاية القرن الماضي فلا يخفى على أحد أن السلطة بقيادة مؤسسها " حافظ الأسد " قدمت للدولة التركية بعد أن رأى من قادتها العين الحمراء ، مالا يمكن أن تحصل عليه من أي زعيم سوري آخر ..
ففي حفلة تعري " ستربتيزية " خاصة ، تنازل المذكور مجانا ، وربما رعبا عن لواء اسكندرونه المغتصب ، والذي تربت أجيالاً وأجيال على انه " لواء اسكندرونة السليب " والذي تعلمنا ومنذ نعومة أظفارنا بأنه ارض سورية لكنها تحت الاحتلال التركي بعد أن اقتطعته لها فرنسا من سوريا ..
ثم من ينسى انه تنازل أو باع أو ترك أو أعار الجولان لإسرائيل ، وحافظ لعشرات السنين على حدودها آمنه وهادئة وقتّل واغتال وسجن المقاومين لوجودها واحتلالها له ، مقابل السكوت عن لا شرعيته ..!؟