التشكيك
مهمة يؤديها الإعلام السوري بكل إتقان
في البداية لابد من الوقوف على ماهية التشكيك ، وفهمه فهما سليما ، فالتشكيك أو الدفع باتجاه الشك بالمناسبة يعتبر مذهب فلسفي ، تُفسر من خلاله حالة الوقوع بين التصديق والتكذيب ، وهو درجة منطقية ضرورية ، وربما تكون حتمية الحدوث عندما تخلو النفس من المقدمات المثبِتة لأحد البديلين " حقيقة أو خطأ " ، ويقوم على نظرية فحواها إقناع الآخر أو المتلقي بعكس ما يمكن أن تنقله له حواسه ، من ما يحيطه على ارض الواقع ، وإقناعه أيضا بأنه " أي الآخر إن كان قد تعّرف على ظاهر الحدث وبدا له بكامل الوضوح من خلال حواسه ، فانه لا يستطيع أن يعرف حقيقته الباطنية " ، طالما كان الحدث الواحد يظهر بمظاهر مختلفة ووجوه متعددة ، وربما زوايا متقاربة أو متباعدة ، فإنه من المتعذر عليه أن يعرف الصواب في ظل وجهات نظر ورؤى مختلفة .
لذلك دأبت السلطة الحاكمة في سوريا على استخدامه بشكل كبير واعتبارة اسلوب عمل قامت من خلاله بالتشكيك في كل الأحداث المنقولة عبر وسائل الإعلام العالمي بالصوت والصورة ، وادعائها المتواصل بأن كل ما تنشره هذه الوسائل ما هو إلا فبركات إعلامية ليس إلا ، ولأنها متخلفة في مجال الإعلام ، ولان الإعلام المرئي والمسموع والمقروء فيها يقع تحت إدارة وإشراف أفرع المخابرات ، فقد عملت على تكريس التشكيك وفق خطط ممنهجة ومدروسة ، وأعدت لهذا الغرض الخبراء والمتخصصين ، ونشرتهم في كل مفاصل جسم الإعلام السوري ومؤسساته ..
وإيصالنا بالتالي إلى قناعة تجعل الكل يتساءل ما الداعي الذي يدعوني لإجهاد عقلي بسبر غور ما يجري وما فائدة التعرف على وهم الخفايا والأسرار ، التي لن توصلني إلى شيء ..
حيث نجد أن الأعلام السوري يقوم بهذه المهمة القذرة لأنه وُجد بالأصل للقيام بها ، وهي على قذارتها أساسية لديمومة واستمرار " النظام العائلي المافيوي الحاكم " والمرتبط عملياً بالحلف المذهبي الشعوبي المشبوه ، الخطير على العرب والعروبة ، وربما يكون الأخطر من بين التحديات التي تواجهها شعوبنا في هذا الوقت بالتحديد .
أخيراً لا بد من التأكيد على أن هذه المهمة ما كانت لتنجح هذا النجاح الملحوظ ، والذي ندفع اليوم ثمن نتائجه علينا ، من دماء تُسفك في شوارع المدن والبلدات السورية ، لولا البيئة التي أوجدها وأشتغل عليها مؤسس " النظام العائلي " القائم الآن في دمشق ، الراحل " حافظ الأسد " ..
لقد اوجد المذكور حالة شاذة في المجتمع السوري من الثقافة التابعة والملوثة ، والفهم الناقص والمضطرب ، والتفكير المنحرف ، الذي استطاع مسح عقولنا وبرمجتها من جديد بما يريد ، وتطويع كافة الطاقات الفكرية والإبداعية للفرد السوري ، لدرجة أن صار الواحد منا كالمنّوم مغناطيسيا ، صامتا مطيعا منقادا وربما عاجزا ، وأوهمنا بأنه عملياً يتبنى أدواراً وأهدافا كبيرة وإستراتيجية في المنطقة ، محصلتها النهائية سترتد بشكل ايجابي ليس على سوريا فقط ، إنما أيضاً على المنطقة وشعوبها ، وعلى رأس هذه الأدوار والأهداف الاستراتيجي المزعومة مقاومة المشاريع الامبريالية في المنطقة ، الأمر الذي يتطلب منا كسوريين التضحية والطاعة والانقياد ، وصولا لهذا الهدف ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق