الأحد، نوفمبر 04، 2012

المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي



المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي



منذ بداية تشكل الوعي عندنا عرفنا أن هناك معسكران أحدهم شرقي كان فيما مضى يتزعمه " الاتحاد السوفيتي " واليوم تحاول روسيا وراثته ، تتوافق معه الصين ، والدول التي تدور في فلكه ،  وآخر أمريكي غربي تنضوي تحته أو تتحالف معه بعض الدول العربية وغير العربية ..
المهم في الأمر أن هذان المعسكران يقتسمان العالم فيما بينهما ،  أو يستميلان معظم نظم دول العالم ويكونان تكتلات سياسية واقتصادية وثقافية وحتى منها عسكرية  ، وذلك منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي ، وهذه الدول أو النظم التابعة أو المتحالفة ، تدّعي أنها هي من اختارت التحالف مع هذا المعسكر أو ذاك ، وهي من ارتضت أن تكون كذلك بكامل ارادتها ..!
وهذا غير دقيق ..!
المهم في الأمر أن تلك الدول سواء كانت تابعة لـ " المعسكر الشرقي أو الغربي " ، أصبحت في كل الأحوال أوراق لعب سياسي لزعامة هذا المعسكر أو ذاك ، وأخص هنا على وجه الخصوص الدول العربية أو نظمها ..


ربما هذا ما يستوقفنا نحن السوريين اليوم ، ويدفعنا للتساؤل والقول ، لطالما أننا نحن على سبيل المثال في " سورية " سنبقى ورقة لعب سياسية في المشاريع الكبيرة لتلك الدول التي تتزعم المعسكرين ، ولا إمكانية البته في الخروج من هيمنة أحد المعسكرين سواء كان الشرقي أو الغربي ، وأننا نملك حرية الاختيار في ذلك ....  ونستطيع المفاضلة بين أحد الاثنين .. على فرض أن هذا صحيح ..!


فلماذا يا ترى نرضى بأن نكون مع " روسيا المافياوية  " المتزعمة للمعسكر الشرقي ، ندور في فلكها بإرادتنا ، ونحن نعلم أنه -  المعسكر الشرقي - متأخر نسبيا أو لنقل متخلف عن نظيره الغربي المتطور والمتقدم على جميع الاصعدة ، و بالمقابل نرفض الانضمام أو " التبعية " للمعسكر الأمريكي الغربي الأكثر انفتاحا وتقدما ..!؟


ولماذا نعادي الغرب وتقدمه وتطوره  .. لمصالح الشرق المتأخر عنه بالأصل ..!؟


هذا يدفعنا لتساؤل بسيط اخر عن ماهية الأسباب التي تجعلنا نتحفظ على علاقة سوية مع الغرب ، نعاديه ولا نعرف مسببات العداوة الحقيقية التي نشأت بيننا وبين الغرب ، والتي بات واحدنا يكتنزها في وجدانه بدون مبرر منطقي واضح ، ثم ما مقدار ضرورة هذه العداوة في علاقتنا أقلها الإنسانية فيما بيننا كبشر أولاً ...!؟


أزعم أنا شخصيا أن الاتحاد السوفيتي " أب و أم " روسيا المافياوية اليوم ، لم يكن في يوم من الأيام ملائكي النزعة ، وليس له تاريخ مشرف في أي مجال كان .. ولن أتعرض الان لحقوق الإنسان فيه ، ولا أريد أن أدخل بالأرقام الفلكية لعدد القتلى الذين سقطوا من الشعوب التي كانت تنضوي تحت حكمه نتيجة لسياسته ..!


فما فعله السياسي الأحمر " ستالين " زمن الاتحاد السوفيتي لا يخفى على احد ، فصفحات الكتب مملوءة بجرائمة ، فضلا عن ملايين لا تحصى من البشر سقطت في دول وكيانات كانت تحت سيطرته ، أما روسيا الحديثة فقد ارتكبت من الجرائم بحق شعب ودولة الشيشان الصغيرة على سبيل المثال لا الحصر مالا يتخيله عقل بشري سويّ ، والتي يُفترض أنها تقع تحت المسئولية الروسية ، علما بأننا هنا نتكلم عن شعب وكيان يعيش في ظل احتلال روسي قديم ، وهو بالتالي يعتبر جزءا من الكيان والشعب الروسي أو هكذا على الاقل سما تعتبره كذلك النظام في روسيا ، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات ، وقد لا أبالغ لو قلت بأن النظامين " السوفيتي والروسي " ربما قتلا من مواطنيهما أكثر مما قُتل منهم في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي ...!


فإذا كان المعسكر الشرقي ، أو القطب الثاني في العالم ، كما يحلو للبعض تسميته ، لا يحترم البشر من مواطنيه ، وهو كذلك بالفعل ، فكيف سيحترمنا نحن الشعوب العربية أو شعوب العالم الثالث ..!؟


ولماذا نصطف إلى جانبه ، أو نتحالف معه ، أو نكون تابعين له ، إذا ما كان لنا حرية في الاختيار ..!؟


أليس الأجدى أن يكون التحالف والاصطفاف مع الدول التي تحترم أقلها مواطنيها كما يجب أن يعامل البشر ، كما هو واقع الحال في المعسكر الغربي ..!؟


ونحن هنا نؤكد على احترام " البشر وليس شيء آخر  " ولا نرغب الدخول أكثر  في مسائل قد لا نفهمها ولا يفهمها حتى من يتزعمون المعسكر الشرقي ..!


 لعل أبسط هذه المسائل التي لا يفهمها كثير من أنظمة المعسكر الشرقي التوابع المتصلة به ، هو أن احترام المعسكر الغربي الشديد لحقوق الحيوان وحمايته ورعاية حتى الضال منه ، وهذه امور في غاية في الأهمية ، والذي ربما هذا الاهتمام يفوق في بعض الأحيان ما نلقاه نحن البشر في كياناتنا التابعة للمعسكر الشرقي ..!!


قد يعتقد البعض أنني أبالغ لو قلت أن الدول الغربية تحترم وتقدر حياة الحيوانات الضالة في الطرق أكثر مما تحترم وتقدر روسيا والصين ، ومعهم " إيران الإسلامية " البشر فيها  ..!


أما " النظام الإيراني الشاذ " في نهجه وثقافته " الخمينية "  والمارق على كل المستويات ، وبالأخص المستويين الإنساني والأخلاقي ، والمحسوب ضاهرا من أعداء المعسكر الغربي ، والأقرب الى الشرقي ، فاستحضّروا موبقاته في هذا المجال كيفما شئتم يا رعاكم الله ..!!


 وحدثوا ما شئتم عنه  وكيفما شئتم بلا حرج ، ذلك النظام المتسلق خلسة في غفلة من التاريخ ، والذي يعادي ظاهرياً المعسكر الغربي ، قتل من الإيرانيين وغيرهم  ، إبان " الثورة الإسلامية " التي قادها مؤسس هذا النظام " الخميني " ما لا يعد ولا يحصى ، وما زال القتل يحصد الكثيرين كل يوم بلا رادع ، وبحجج سخيفة وكاذبة ، ولا أساس لها من الصحة ولا الواقعية بشيء ، وخصوصا الأحكام الجائرة لما كان يسمى " محاكم الثورة " التي كانت تصدر أحكامها بواسطة " مراهقي ومجانين الحرس الثوري " الإيراني ، بدعم وتشجيع وتوجيه المهووس " قائد الثورة " نفسه ..


أما الصين فتاريخها الحديث ربما يكون " أسوأ من السوء نفسه " ، ويكفينا قرفاً واشمئزازاً لو أخذنا فقط مرحلة زعيمها الدكتاتوري " ماو تسي تونغ " التي سنجد فيها أن هذا الزعيم " ذو البصمة الإجرامية الكبيرة " قتل من الصينيين بطرق مختلفة ، وفق التقديرات المتواضعة " خمسة وثلاثين مليون بني ادم " صيني ، والتقدير الآخر ربما يفوق " الخمسة وخمسين مليون " صيني في وقت كان تعداد الصين أقل من ستمائة نسمة ، وبطرق جهنمية لا تمت للإنسانية بصلة ، على رأس تلك الطرق المتبعة كانت طريقة " التجويع " المتعمدة والممنهجة ، فضلا عن الإعدامات الجماعية التي كانت تتم لمن كان يسميهم " اتباع الإمبريالية ، والرجعيين وأعداء الثورة " ، وما إلى ذلك من التهم المعلبة والجاهزة ...


أخيرا وبالعودة لموضوع حرية الاختيار بين  هذين المعسكرين الغربي والشرقي  ، نتساءل .. ألا يكفينا تدليلاً على رُقي وسمو " القيم " في المعسكر الغربي من احترام واضح لإنسانية الإنسان أولاً ، ومن الحرية التي لا يوجد لها مثيل في أي من البلدان أو الكيانات التابعة للمعسكر الشرقي ..!؟


ألا يخجل البعض منا حينما يرى في الولايات المتحدة الأمريكية شخصا مثل " اوباما " لا يُعرف له أصل ولا فصل ، ومن لون كان يُقال لنا أنه مُضطهد ، ويمارس بحقة التمييز العنصري لكونة من اصول زنجية ، أن يصل لأعلى المناصب بها ..!؟


مع أن هذا الشخص لو جاء يطلب عملاً في إحدى قرى " حوران " على سبيل المثال ، لما وجد ربما أفضل من وظيفة " سائق جرار زراعي " ، هذا إن قَبِل أحد بتشغيله ، على ما نسميه عندنا بـ " حرّاث " يحرث الأرض ، ويزرع القمح في مواسمه ، لكن هذا الشخص اليوم يتبوأ منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، برضا وقبول واحترام الجميع ، بصرف النظر عن فارق النسبة الانتخابية التي فاز بها سواء كانت قليل أو كبيرة  ..


ألا يكفينا هذا المثال لنقتنع بان " الغرب " ومعسكره  وثقافته ونُظُمه في أسوأ حالاته يبقى أفضل لنا من " الشرق وعقده  " ومعسكره وثقافته ونُظمه ، حتى لو " عاملنا " بنفس مستوى الحيوانات الضالة في دوله  ..!؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري يدرك أن " نظامه الاسد الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن الذي تبقى منه فعليا...