" المفاهيم والإدراك "
عند الوريث
( ألعلّاك )
لاتساع وعمق الفجوة بين " المفاهيم والإدراك " عند الوريث " ألعلّاك " والغير شرعي رئيس النظام الحاكم في سوريا " بشار الأسد " .. يقهرني بعض المزايدين علينا ، والذين يحاولون إقناعنا بأنهم من المهتمين بمأساة بلادنا ، حينما يطالبون بالتغير السلمي في سوريا ، سواء كان ذلك بسوء نية أو ربما عن طيب نية ، ومع ذلك سأتناسى قهري ، وأحاول ما استطعت أن أذكرهم بأن مطالباتهم المتكررة تلك ، كنا نتمناها قد وُجهت لـ " بشار الأسد " قبل الخامس عشر من شهر آذار من العام الفائت ، وربما كل السوريين كانوا يتمنون هذا الأمر ، ويا ليت .. أنها " وُجهت وأثمرت " عن نتيجة ايجابية مع هذا النظام ، واستجاب الوريث " ألعلّاك " لمطالبنا ، لَكُنّا انتهينا وأنهينا كل الموضوع الذي أشعل فتيل هذه " الحرب الطاحنة التي تدور رحاها اليوم على أجساد السوريين وكل السوريين " ، ولم يكن الثمن بهذه الفداحة ، وحتى أكثر من إصلاحات طفيفة ضرورية كانت قد أرضت الجميع وحفظت البلد وأهله ، وربما كذلك أبقت هذا الوريث " رئيسا " وأكسبته شرعية جديدة وحقيقية وليست مزيفة ، وأدت بالتالي الغرض المنشود ، وما كانت أثرّت على النظام القائم وصورته بشيء ، مع العلم بأن أعلى سقف لتلك المطالب حينذاك وأقصاها ، ما كان أكثر من محاسبة المسئولين في درعا على سلوكياتهم القمعية والاستخفافية والغير منضبطة تجاه أهلنا ، ومحاولتهم الخطأ بخطأ أكبر منه ..
لكن عجز المسئولين سواء من كان منهم في درعا أو حتى في دمشق عن فهم الواقع العشائري الذي يرفض الطعن بالشرف والعرض والكرامة ، وعدم تمكنهم من معالجة تلك " المشكلة السهلة والبسيطة " بالشكل المطلوب ، وإتباعهم لأسلوب " متغطرس واستعلائي "، وتقديراتهم الخاطئة للنتائج التي ستترتب على مثل هذا النهج القمعي بالعسكر والأمن البحت ، والذي اتبعوه منذ اليوم الأول تجاه الشعب " الحوراني " في درعا ، والذي احتج على الإهانة كما أسلفت ، ومع التمادي بالقمع والقتل ، لم يعد مجالا للصبر الأمر الذي دفع الشعب السوري بكاملة دفعا ، ليس إلى الثورة على سلطة الوريث " ألعلّاك " ونظامه بل إلى استحضار الأخطاء والخطايا التراكمية بحق عموم السوريين على مدى أربعين عاماً ، والمطالبة بتغيير " كل ما يتعلق بهذا النظام " ، والذي بطبيعة الحال تحول تلقائيا بعد كل هذه الدماء إلى " نظام احتلال " ، لا بل قد يكون أسوأ من أي احتلال عرفناه على مر التاريخ في سوريا ..
لذلك لا بد وأن يرى الإنسان السوي أن " الواجب الإنساني والأخلاقي والعرفي والقانوني " يقتضي مقاومة هذا الاحتلال بكل الوسائل المتاحة وبكل الطرق المشروعة وحتى غير المشروعة ، بصرف النظر عن مسألة التكلفة ، والتي بالتأكيد ستكون عالية ، لان التراجع هو بمثابة " انتحار إرادي " لأكثرية الشعب السوري ، والتكلفة المادية " سواء كان تدمير أو تخريب " علينا اكبر بكثير من تكلفة الاستمرار في معركتنا التحريرية ضد " نظام الاحتلال القائم في دمشق اليوم " الذي يترأسه " معتوه أرعن " يحيط به القتلة والمجرمين المتحالفين والمرتبطين مصيرياً مع أسوأ وأقبح أنظمة العالم " المافياوية والمذهبية والطائفية " ..
كنا نتمنى أن تسير الأمور بالسلاسة التي يطالب بها هؤلاء الآن ، وبدون إراقة قطرة دم واحدة ، ولا حتى كما يقول إخواننا اللبنانيون " بدون ضربة كف واحدة " ، لكن التغيير السلمي المفترض المطلوب اليوم ، الواضح أنه تبدل إلى " إزالة النظام والمنظومة ومحاكمة المسئولين فيها " ..
المنطق السليم يقول لو كان هناك بصيص أمل بالتغيير السلمي عند البعض ، لإتمامه لابد من وجود نخبة سياسية في " النظام الحاكم " تكون واعية ومدركة ومسئولة تحيط أقلها بالمعتوه الوريث ، يسمع لها وتؤثر عليه ، ولديها الاستعداد التام لتسليم السلطة من باب التداول باعتبار أن الوطن السوري للجميع ، حفاظا على هذا الوطن وأهله ، وتلبية للرغبة العارمة والثائرة لأكثرية الشعب السوري ..
وهذا الأمر على ما يبدو غير متوفر الآن ، والواضح أنه لن يتوفر في القريب العاجل ، والتغيير السلمي أيضا يحتاج بالمقابل إلى نخبة بديلة لديها الخبرة الكافية ، والرؤية الواضحة ، ومنتظمة ومنظمة بشكل كافي لتحمل استحقاقات المرحلة ، وهذا الأمر يبدو لي أنه بدأ يتوفر هذه الأيام مع اجتماعات المعارضة في العاصمة القطرية " الدوحة " ونجاحها بتكوين ائتلاف المعارضة الجديد ، لكن الصراع الإقليمي والدولي ، ربما يعرقل المساعي الحميدة في هذا الاتجاه ، وقد لا يترك مجالاً للاعتراف بالتكتل المعارض الجديد مع شديد الأسف ، وباعتقادي أنه لن يسمح بتحقيق انتقال سلمي للسلطة وتغيير النظام الحالي ، أقلها في المستقبل القريب ..
أخيرا لا بد من التذكير بأمر مهم وجدير بالاهتمام والتوقف عنده حتى نفهم أكثر أبعاد قضيتنا السورية ، وهي أن الوريث الغير شرعي " بشار الأسد " لن يتجاوب ، لأنه اليوم بات في حالة من الهوس المرضي المتقدم نتيجة لتورم الأنا فيه ، فهو لا يشعر بما يشعر به الآخرون ..
عندما أصبح رئيسا بالقوة والجبر والتزوير ، بدأ الناس تمطره بالحمد والمدائح الغير متوفرة في شخصه ، فأشبعوه ..لا بل ضخموا غروره المريض أصلا ، فأصبح " بشار الشخص " بحسب مقربيه ، مختلفا تماما عن ما كان عليه قبل الرئاسة ، فبدأ يشعر كما لو أن " الله اختاره " لقيادة سوريا ، أو أنه نبي مختار أو رسول مرسل ، ومن هنا بدأ يبني عالمه الخاص ، وبدأ عالم الهوس المرضي عنده بالتشكل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق