مر معنا ونحن في مراحل الدراسة الأولى ، أن الشيطان أو
إبليس مخلوق " خلقه الله تعالى من مارج من نار ، وهو الذي أغوى أبانا ادم عليه
السلام ، وفهمنا انه هو مخلوق امتحاني فتنوي " وكائن خارق للعادة والمألوف ، يسعى بشكل دائم لإغوائنا نحن
بني البشر ،لا يكل ولا يمل من هذه المهمة المناطة اليه ، أو التي اناط نفسه بها
..!
وهذا الشيطان .. أعاذنا الله من شره في كثير من الثقافات والأديان يعتبر
تجسيدا للشر ، وتختلف تسمياته من ثقافة لأخرى ، فهو إبليس في الإسلام و لوسيفر في
المسيحية ، أما اليهودية فهو أحد أعضاء المحكمة الإلهية ليهوه ، ويعتبر في جانب
اخر ملاكا ساقطا في المسيحية والإسلام ، هو يغوي البشر ويحفزهم لارتكاب
الذنوب والمعاصي بحق الإله وأنفسهم ، ويلعب دورا محوريا في الأديان السماوية
الثلاث ، وقد أرتبط أسمه بالكفر والهرطقة و كل ما يمكن اعتباره كذلك حسب المعتقد
والدين..!
هذا الشيطان أداته الوحيدة هي الوسوسة التي قد يشعر بها المرء ، ولكن
بالتأكيد لا يمكن له أن يتحسسها ، هو يوسوس لعموم البشر ، ولمن له ثقافة تتصل
بالدين الاسلامي على وجه الخصوص ، ويشغل الفكر بما يخالف الفطرة السلمية التي
فطرنا الله عليها ، ويسعى مخرباً في مجاهل النفس البشرية أينما وكيفما وُجدت
، فيدخل من نوافذ عُقَدِها وتربيتها الناتجة في معظم الأحيان عن التفسيرات
والتأويلات المنحرفة لبعض النصوص الشرعية المتفق على صحتها ، سواء كانت هذه النصوص
آيات قرآنية أو أحاديث نبوية شريفة متفقة مع ما جاء في القران الكريم ..
فيعبث هذا الشيطان في نظام شهوات النفس وغرائزها ودوافعها
وبواعثها ونوازعها ، يورمّها ، ويلهبها ويجعلها صاحبها مأزوم ، يستفزها كي يضعفها
ليتمكن منها فتسهل له السيطرة والتحكم بها ، ثم يبسط نفوذه الشرير عليها ، ويهيمن
على كل جوارح الكتل والأعضاء المادية الحية المكونة لهذا الشخصية الانسانية ،
والتي بطبيعة الحال الكامنة بداخل أجسادنا ، ليفصل عنها العقل ، الذي هو
بمثابة وحدة السيطرة والتحكم في تلكم الأجساد ، ومُحيداً عنها دوره ..
والشيطان في حقيقته هو مخلوق مكلّف بدور يقوم به ، حيث يأتي للإنسان بشكل
غير محسوس كما ذكرنا ، وغير مُدرَك ، ويدفعه دفعاً لفعل ما ينكره محيطه المادي
المحسوس ، ويأخذه بهذا الدفع الى ما تميل له الرغبات الكامنة في نفسه ، وهو عادة
ما يأتي من حيث ترغب وتهوى النفس البشرية ، ولا يأتيها من حيث لا ترغب أو لا تهوى
، وكل واحد من بني الإنسان يدخله الشيطان من باب النزوات والغرائز ..
وهو يأتي للمسلم العادي وغير العادي ، الملتزم وغير الملتزم ، ويوسوس
له أحيانا بأحقيته كإنسان حر ، من حاجته التمتع بمتع الدنيا طولها وعرضها واستنفاذ
كل ملذاتها ، وقد يأتي للعالم الفقيه أيضاً ولو بشكل وأسلوب ومواضيع مختلفة
ومغايرة عن الشخص العادي ، وربما من أبواب موصده أخرى ، قد لا يتنبه لها حتى
" العالم الفقيه والمتفقه " نفسه ، ويعتبر أنها منيعة عن الفتح أمامه ، فيقع بما هو
أسوا مما يقع به الشخص العادي وغير الملتزم ..
وهنا لابد كنوع من الاستطراد وتبيان حقيقة الشيطان أكثر ، نحاول من
خلال الاضاءة على جانب من الثقافة الاسلامية ، أن نعرج على ما قاله " ابن القيم الجوزية " حيث ذكر ست مراحل يعمل الشيطان عليها ويتدرج فيها وهى :
المرحلة الأولى: يسعى أن يكفر الإنسان أو يشرك بالله .
المرحلة الثانية: مرحلة البدعة ويقوم في هذه المرحلة بجعل الإنسان
يبتدع البدعة ويطبقها، فإن لم يستطع بدأ في المرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة: مرحلة المعاصي الكبيرة، فإن كان ذلك الإنسان قد عصمه
الله من الكبائر بدأ في المرحلة الرابعة.
المرحلة الرابعة: مرحلة الصغائر( الذنوب الصغيرة ) ويقوم بتزينها له ويقوم بتقليلها وتصغيرها للإنسان، فإن عُصِمَ
منها بدأ في المرحلة الخامسة.
المرحلة الخامسة: أن يُشْغِلُ الإنسان بالمباحات بحيث يشغل الإنسان في
تضيع أوقاته في الأمور المباحة.
المرحلة السادسة: وهى أن يُشغِلَ الإنسان بالعمل المفضول عما هو أفضل
منه ، بعمل معين طيب ، ولكنه ينشغل به عما هو أطيب وأفضل منه .
ولعل مما سبق يمكن لنا أن نستدل على ثلاث مداخل رئيسة يمكن أن يدخل
منها الشيطان ، وهي " السلطة والمال والجنس " ، فينغمس
الإنسان الذي دانت له السلطة وتمكن منه الشيطان في هيبة وقوة ومتعة تلك السلطة
ورهبتها ، ومتعة تطويع وإذلال وانصياع الآخرين التي قد تتحول إلى شاذة وربما
هستيريا ، وشهوة استعبادهم وإهدار طاقاتهم لمشاريع تهدف إلى شكل من أشكال الخلود
الفردي الزائف ..
وقد يوسوس له أيضا بسلامة نهج السيطرة والهيمنة والجبر والاستبداد
والتربع على رؤوس العباد ، وهذا ما يحصل اليوم بشكل واضح في " الحكم الثيوقراطي الايراني " ، حيث الآثار
والمآسي الواقعة على الشعوب الايرانية والمحيطة بها واضحة ..!
وهذا امر طبيعي خصوصا إذا ما كانت السلطة " دينية منحرفة وشاذة " واعتبرت نفسها ممثلة الإله على الأرض ، تجبر الناس على
الانصياع لها ، وتؤله زعيمها لهذا الغرض ، وما زعيمها بالأصل الا مهووس أرعن
اعتبره المنحرفون من حوله أنه بلغ من القداسة والعصمة مكان لا يضاهى ، كما هو حال
" الولي الفقيه ومفسد الأعمى
" في إيران الذي يتوجب على الجميع طاعته ، والتي هي جزء من التكليف
الشرعي ..
هذا الشيطان يزين لـ " الولي الفقيه ومفسد الأعمى " الايراني الحيلة والاحتيال ، واللف والدوران ، وسرقة مال الآخر
بالطرق المخفية والتحايل ، والوسائل الشرعية ظاهريا والملتوية فعليا ، ويوفر له
المخارج المقنعة ، فيما لو استفاق ضميره مرة أو تردد خوفا من الانكشاف والفضائح
التي قد تترتب على ذلك ، ويوسوس له أيضا بسلامة هذا النهج ، وأحقيته فيما يتحصل
عليه ، ولو من " باب الخُمس " ..
أما العلاقات الجنسية والتمتع بالعلاقات الجنسية المتجددة والعابرة ،
خارج الإطار الشرعي والأخلاقي ، والغير منضبط والمحرمة ، وأحيانا المجرّمة
بالقوانين الوضعية في حالة انكشافها حدث بها ولا حرج ، فقد يوسوس له الشيطان
بسلامة هذا المسلك وصحته ولو تحت مسمى " زواج المتعة " أو الزواج المؤقت .. ولما لا ..
فإذا كان السيد " علي الخامنئي " آية على
الأرض ، وهو " العالم الفقيه " ، وأيضا " الولي الفقيه " ، قد ملك السلطة المطلقة ، وهو نفسه من تعسف في الجبر على
الطاعة والهيمنة والسيطرة ، ومنع الحريات العامة وأضفى القداسة على نفسه وألزم "
الشيعي " المقلد
والبسيط بالإدانة والالتزام بنهجه تحت طائلة الطرد من الرحمة الإلهية ، هذا إذا
نجا من الاعتقال أو القتل ، في إطار ما يسمى " ولاية الفقيه " الشرعية ..
على ما تقدم ليسأل كل من له
عقل نفسه ، لماذا يا ترى يأتي هذا " الشيطان اللعين " ويتعب نفسه بالوسوسة على من هو " أشيطن " منه ، ويحاول معه بلا طال ، بينما ينفذ له المعني ما لم
يكن الشيطان نفسه قادرا على تحقيقه معه ، وخصوصا وأن الشيطان قد لا يسمح لنفسه
بالذهاب في الوسوسة إلى عُشر ما يفعله أمثال هؤلاء ، علما بأنه ، أي الشيطان ، لا
يتعدى عمله كما أسلفت " إطار الوسوسة " وليس أبعد من
ذلك ، ولن يستطيع في أي حال من الأحوال أن يدخل في نطاق الفعل كما يفعل هؤلاء ،
عندما أوجدوا لكل الموبقات رخصة شرعية ..!؟
بالله عليكم ماذا سيوسوس " الشيطان لحاكم إيران ومفسدها الأعمى علي خامنئي " يا ترى ، إذا فكر أن يزوره مرة ، ماذا بقي عنده من
أحابيل حتى يلعب بها أو يغوي من خلالها " زميله بالتخريب إن لم يكن زعيمه " ، أوليس الشيطان بهذه الحالة سيكون " مجنون أو مخبولا
أو غبيا " لو جاء موسوساً لـ " علي الخامنئي " مثلا ، يحثه على ماذا ، أيحثه على الاستبداد أو القمع أو
التزوير على سبيل المثال لا الحصر ، أو أن يذكره بسرقة الناس " بالأصول " ووفق الشرع خلسة أو خفية أو أن يدله على قطع
الطُريق ، أو أن يزني كما يزني المحروم من الجنس مثلاً .. !؟
أي موبقة فضيعة سيبتكرها له ، وتكون جديدة.. أو أنها لم تطرق بال أو
عقل " خامنئي " العفن ، أو غابت عنه ، ولم تخطر على بال شيطان الحكم
المذهبي والحاكم الفعلي في إيران بعد ..!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق