ماذا يجري في سورية ..!؟
كثير
من يعتقد مثلي أن ما يجري في سورية هو ارهاب ، لكنه ارهاب دولة ممنهج ، ارهاب منظم من عصابة " أقلوية " لشعب عريق بعدما استولت على جيشه وأمنه ، ودججت نفسها بالسلاح القاتل المخصص للقتل والابادة ، تلك العصابة كانت
فيما مضي تدير دولة اسمها " سورية الأسد "
أو هكذا كانت تُعرف ..!
مفردة
ارهاب ، مفردة مشبوهة تستخدم اليوم بكثرة لتوصيف ما يجري عندنا من قبل الدول العظمى ، للتهرب من
مسؤولياتها الانسانية تجاه الشعب السوري ، ومنع أي تعاطف من شعوبها لصالحه ولو على المستوى الانساني
..!
اذا ما سلمنا جدلا بأن شيئا مما يجري مرتبط بالارهاب ، فبالقطع لن يكون الارهاب المعني والذي تدعيه وتعنيه السلطة
الحاكمة والداعمين لها في العالم ، ذلك " الارهاب
" الموصوف على أنه تهديد يستهدف الأقليات من قبل الاكثرية السورية التي تكّون البيئة
الحاضنة لـلارهاب والمنتجة لـ " التكفيرين والجهاديين والوهابيين ..
الى اخر المعزوفة " ، وبالتالي استهداف لوجودهم في عموم المنطقة ، وكأن هذه
الاكثرية متخلفة همجية بعيده كل البعد عن الحضارة ، ولم تكن على الدوام ومنذ أن
وجدت .. الحامل الفعلي لحضارات الشام المتعاقبة ..!
ان
الصورة المراد اعتمادها ونشرها عن الثورة السورية هي أنها ثورة ارهاب على " سادة العلمانية والحرية والتنوع " في سورية
والمنطقة ، وهي الصورة التي يتم الشغل عليها أمام الرأي العام العالمي ، باعتبارها
الواقع والحقيقة على الارض ، وأن المسألة وما
فيها ما هي الا أعمال بربرية لجماعات ارهابية تنتمي للأكثرية السنية تحاول من خلالها السيطرة على البلد ومقدراته ، وتستقدم لهذا الغرض ارهابيي
العالم لمساعدتها في ترويع وقتل الشعب وأقلياته وتستهداف أيضاً سلطته " اللادينية واللاطائفية واللامذهبية " بقصد اسقاطها والقضاء عليها ليتم بعدها احتكار السلطة
والقرار فيها ، حتى تتمكن بعدها من تحقيق هدفها في انشاء دولة دينية اسلامية متطرفة
، ترفض فيها أي وجود لغير المسلم أو المخالف لها ..!!
متناسين
حقيقة أن ما جرى ويجري هو ثورة مطالب لشعب عاش لمدة تجاوزت اربعة عقود سوداء متتالية في
ظل حكم استبدادي أقلوي طائفي..!
ومغطين
كذلك على التدخل الخارجي السافر من قبل " روسيا
وايران والمجموعات المذهبية والطائفية المرتبطة بهما في المنطقة " لحماية
السلطة الحاكمة ، ومنع انتصار ثورة هذا الشعب ، علماً بأن وإن كان هناك شيئا يمكن وصفه بالارهاب أو مرتبط به ، أو أي أعمال تقوم هنا أو هناك تطال الابرياء فهي مستنكرة ومدانة من المظلوم قبل الظالم في سورية ، بالرغم من أنها نتيجة طبيعية ومتوقعة على هذا التدخل ..!
ان الأعمال المستنكرة اليوم ليس ارهاب ولم
تنشأ من الثورة ومطالبها ، انما هي نتيجة لتقاسم المصالح والنفوذ فيما بين الداعمين ، والخوف عليهما من الضياع بعد
أن تداخلت بفعل السلطة المتعمد ، والذي عملت بدهاء وخبث على أن تكون النتيجة كذلك ، حتى يبقى
البلد تحت حكم " أقلية فئوية " تابعة لإحدى اقليات البلد التي لا ننكر أنها من مكونات النسيج الاجتماعي السوري
..!
اخيرا
" الارهاب " أو الأعمال الجرمية التي تحصل في سورية ، ما هو الا صناعة خارجية وفق منهجة معينه تم الشغل عليه ليشوه الثورة السورية التي تهدد المحور " الطائفي والمذهبي المافياوي " في المنطقة ، يقود هذا التشويه أجهزة " دول مجرمة .. على رأسها ايران وروسيا " وتوابعهما ، لذلك نحن لن نكترث لهم طالما وُصمنا به وأصبحنا بنظر هؤلاء " ارهابيين " لأننا ندافع عن أنفسنا وعن كرامتنا في ارضنا وعلى سلطة من حقنا كشعب ازالتها واستبدالها بالسلطة التي تناسبنا ، وهذا لن يؤثر على مسيرة ثورتنا مادامت
لم تصل لهدفها الأول ، وأن السلطة الحاكمة في دمشق موجودة ، ولنا الحق في ذلك ، ولنا الحق أيضاً في اختيار الطريقة المناسبة لاسقاطها مادام العالم كله لا يرى حقيقة ما يجري ، أو ربما لا يريد .. الأمر بالنسبة لنا واحد ..!
ولنا كذلك كامل الحق باختيار بدل عنها نوع الحكم الذي نريده
والكيفية التي ندير بها بلدنا ، ونحن في كل الأحوال لسنا مختلفون عن بقية البشر ، ولا نستهوي الذل
ولا الخنوع ، لا نهوى التبعية والعبودية والاذلال ، فاذا كان البشر ينزعون للحرية
والتحرر من ربق التسلط والامتهان ، فنحن كذلك ، والأمر ينسحب علينا ، فنحن خُلقنا احرار ،
ولن نقبل بأن نكون مرة اخرى ومن جديد عبيد " لآل الاسد "
الأموات منهم والاحياء والى الابد ..!
وعلى
ما تقدم أزعم بأن الذي يجري في سورية على قساوته ومرارته هو عمل طبيعى ورد فعل اعتيادي على فعل غير اعتيادي وغير طبيعي ، لا بل أنه أقبح من الفعل نفسه ، وهو عملياً تصحيح لخطا تاريخي ساهمنا نحن الشعب
السوري به من خلال اذعاننا وركوننا وجبننا ، عمل به وعليه الاخرون ممن كان له مصلحة في ذلك
، وعلى رأس هؤلاء المنحرفين من زعماء الثورة المذهبية في ايران ومفسدها الاعمى وحلفائها في
المنطقة ، وبدعم روسي مافياوي واضح بقصد " الانتقام
" ممن ساهم في اسقاط وتفتيت الاتحاد السوفيتي السابق أم واب روسيا اليوم ..!
ما
يجري في سورية اليوم ليس " ارهاب " بل هو عمل جاد وطبيعي من شعب ثائر يسعى الى انتزاع حقه المغتصب منذ
أكثر من نصف قرن مضى ، وإعادته لأصحابه الحقيقيين ، وتصحيح مسار طال الزمان
له وهو معوّج ..!
ولعلني
أرى أن نتيجة اسقاط حكم " آل الاسد " ، الهدف الأول الذي يسعى له السوريون ، والذي دفعوا لأجله أغلى الأثمان ، ستكون ايجابية على عموم المنطقة ، وسوف يليها مباشرة سقوط الارهاب المستهدف اليوم و" ذرائعه "، وستكون
نهاية حكم العائلة هي البداية والخطوة الأولى في طريق مكافحته ، كما أنها بداية عودة " الشام العربية " لأهلها ،
وكما كانت عليه من ازدهار وألق ورقي وحضارة ودور حقيقي ، وهذا ما سيمهد لطريق اخر وأكثر أهمية من " مكافحة الارهاب " المزعوم ، وهو ربط الشرق العربي بمغربه ،
بعد طول انقطاع ، وانهاء حالة " الهيمنة " القائمة على " سورية والمنطقة " من قبل اصحاب المصالح المذهبية والطائفية ، الذين عملوا لتستمر هيمنتهم .. التي أبقت طوال الفترة الماضية أن يكون " شامنا " المانع الذي يمنع تلاقي العرب مع بعضهم .. !
والشعب
السوري بعقله الجمعي يدرك تمام الادراك هذا الامر ، ولذلك بقي على موقفه واصراره بالرغم
من الثمن الكبير الذي دفعه لذلك ..!