الجمعة، يناير 10، 2014

الثورة الايرانية .. علة المنطقة العربية


الثورة الايرانية ..

علة المنطقة العربية

مع اتضاح ما يجري في المنطقة العربية وظهور هذا الاستنفار المذهبي والطائفي الذي قل مثيله في التاريخ المعاصر ، ومعرفة أبسط الناس لأسبابه ، فقد لا اجد من يخالفني الرأي لو قلت ان المنطقة العربية كانت أفضل حال ، وأكثر استقرارا على كل الأصعدة قبل نجاح " الثورة المذهبية " الايرانية ، واسقاطها لحكم الشاه  " محمد رضا بهلوي " ، الذي تميز كما هو معروف بقساوة حكمه وسطوته وظلمه للشعب الايراني ، ولعل الأهم حينذاك تهديده الدائم لدول الخليج من خلال دوره الإقليمي كـ " شرطي للمنطقة "  ، واعتداده بهذا الدور ، الذي كان مدعوماً من الغرب وأمريكا ، والتعاون الاستراتيجي مع الدولة الصهيونية " اسرائيل " .. !

الا أن الحال مع سوء ما كان عليه .. رأيناه يعتل ويتردى أكثر بعد سقوط حكم الشاه " بهلوي " ، وبدت عوارض هذا الاعتلال والتردي تظهر ليس في ايران فقط انما في عموم المنطقة ، فـ " ظهرت علة العلل في المنطقة .. ومرضها المستعصي على العلاج "  وقيام ما يسمى بنظام " ولاية الفقيه " بعد اعلان نجاح " ثورة الخميني المذهبية "  عام 1979 ، موشر خطير يؤشر على دخول المنطقة في موت سريري ، وانتشار فيروس المرض الجديد ليس في المنطقة فحسب ، وانما في عموم مناطق العالم  ..!

 الذي أعرفه أن شعوب المنطقة كانت مسرورة للشعب الايراني بنجاح ثورته ، وسقوط عرش الشاه البهلوي الاستبدادي الظالم ، وانتهاء دور شرطي المنطقة المرعب ، واستبشرت المنطقة وشعوبها مع الايرانيين خيراً بقدوم ذاك العجوز الملتحي بلحية بيضاء ترتخي على صدره ، والمعمم بعمامة سوداء ، صاحب الهيئة الوقورة .. القادم من التاريخ الإسلامي .. وهو يقول " لا اله الا الله " أو هكذا كان المعتقد ..!
 

لكن المفاجئة كانت على عكس ما اشتهت ايران والمنطقة ، اذ اعتقد الشعبين الايراني والعربي أنها تخلصت من سيء لتصدم بحقيقة أنها وقعت في الأسوأ ، ومن هيمنة شرطي مرعب لتواجه مجرما قاتلا أكثر لؤما ورعبا من سابقه يعتبر أن كل من لا يواليه ويقف في صفه " ناصبي " مذنب حل دمه فوجب قتله وفق فهمه ومبدأه المعروف الذي عبّر عنه بالقول " إن كان مذنب نال جزاءه والبريء عجّلنا له الجنة " ..!
 

اليوم أينما يوجه احدنا وجهه في المنطقة سيجد لـ " المذهبية الخمينية " يد تعبث بعموم الاقليات الشيعية ، ومن خلالهم وبهم يتم تأزيم المنطقة ، بحجة حمياتهم ، وشد اليها طائفياً أبناءها ، باعتبار انها السند والمدافع عن وجودها من تهديد مفترض من الاكثرية السنية الغالبة على النسيج الاجتماعي في المنطقة ، فقد عمل " الخميني " وقبل نجاح ثورة المذهبية على مدى عقود من الزمن على ايجاد هذا الهاجس زورا وبهتانا وافتراء ، وللأسف ربط كل ذلك بتخوفه من " همجية الاكثرية " التكفيرية .. !

 المؤسف انه وجد يتفاعل معه ، فكان لهذا التفاعل الاقلوي الشيعي الكبير في المنطقة  ما تريده ايران المذهبية وزعامتها ، وهو ما أدى الى جعلها تقوم بدور اكبر من دورها الحقيقي ، وتأخذ حجما أكبر من حجمها الطبيعي ، وتعتبر بذلك أن وجودها وحضورها على الساحة الدولية أكبر وأوسع من جغرافيتها ..!

المهم والواضح للجميع وما تدلل عليه الشواهد ، أن الثورة المذهبية الايرانية جاءت لتعيد احياء الثقافة الصفوية البائدة من جديد ، وبشكل ربما أكثر بشاعة مما كانت عليه سابقتها التي قامت على يد " اسماعيل الصفوي " في نهاية القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر من القرن الماضي ، يعني أكثر من اربعمائة عام لم تكن كافية لوأد المذهبية في العقل الفارسي الشعوبي المريض ونسيان الماضي بما له وما عليه ، على العكس من ذلك وجدنا أن المذهبية كبرت وتضخمت واتسخت أكثر في نفوس " الآيات " وصارت أقبح مما يتصورها عقل بشري يعيش في هذا القرن من الزمان .. !

والثورة المذهبية الخمينية .. كأي ثورة بحاجة الى وقود لاستمرار حركتها ، وبالتالي لم يكن أفضل وأسهل لهذه الثورة من الوقود " الطائفي " لدفعها باتجاه هدفها المرسوم ، فتم استحضار كل الاحقاد والضغائن والثارات القديمة لتعزير " حكم ثيوقراطي "  متخلف اساطيري خرافاتي ينظّر له ويقوده مجانين لهم هدف واحد ووحيد ، وهو الانتقام من العرب والتسيد عليهم ، والسيطرة على مقدراتهم تحت عنوان اخوة الدين الواحد ..!
 

 أخيرا يمكنني القول أن ما فعلته الثورة المذهبية الايرانية .. هي أنها استثارت الاقليات الشيعية في المنطقة ، ولعبت عليها وبها ، وربط مصير المنتمين لها بمصيرها ، ودعمتهم وقوّتهم مادياً ومعنوياً على اسس مذهبية ، وحرضتهم على التمرد على ثقافة مجتمعاتهم والتصادم ما امكن مع الدول التي يعيشون بها للتغيير الذي يخدمها ، حتى لو أدى ذلك الى نسف تلك المجتمعات من اساسها أو تدمير الدول التي تضمها عن بكرة ابيها ، بدون مراعاة لا لدين ، ولا لجيرة ، ولا لقيم ، ولا اخلاق ، انما فقط لهدف واحد ووحيد هو الانتقام من العرب والعروبة ..!

  والثورة المذهبية الايرانية بالرغم من أنها كانت حاجة شعبية ايرانية الا انها ظهرت كـ " العلة القاتلة " في بلاد فارس اولاً ، فاعتل كل شيء في جسم المنطقة بسببها ، وأوقف التقدم والنمو والتطور في محيطها ، وراح ينمو ارهاب المرحلة ، وأنشئت بيئاتها الحاضنة ، ما ادى الى الإتيان بحكم رجعي " آيا توي " وزعامة معصومة ومقدسة لولي سفيه ومفسد أعمى بصيرة ، هذا النتاج البشع هو فعلياً " علة الانسانية " التي تحتاج الى معالجة ، ويجب على الكل المساهمة في معالجتها كلٌ بحسب قدرته وتأثيره ، وبأسرع ما يمكن منعاً من ازهاق ارواح الأبرياء المسلمين اولاً قبل غيرهم بسبب هذه العلة ، لانهم هم المستهدفون من هذه العلة ...!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري يدرك أن " نظامه الاسد الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن الذي تبقى منه فعليا...