تكتيك الروس
وبعض " مرتكزات السياسة " الروسية
إن عدم قدرة الروس على استمالة الأكثرية من " المسلمين السنة " في عموم العالم وليس سوريا
فقط ، يعود للأسباب الموضوعية المعروفة ، سواء لجهة أساس العقيدة الشيوعية
المعادية لكل دين ، وهذا ربما يكون سبب غير مباشر ، أو لطبيعة النظام الشمولي
المافياوي ، إلا أن موقف " عموم السنة "
من غزو أفغانستان ابان الحقبة السوفيتية ، وما نتج عن هذا الغزو من كوارث على
العالم ، وجرائمهم في الشيشان في عهد " روسيا
البوتينية " ، وانتهاء
بموقفهم المخزي وتعنتهم الغير مبرر في وقوفهم مع المعتوه " بشار الأسد " ضد الثورة السورية المطالبة
بالتغيير .. هو ما قد يكون السبب المباشر ..!
ولأن الكل يعلم أن الأقليات الدينية أو الطائفية
، وحتى العرقية منها بشكل عام ، وفي أي مكان ، عادة ما تكون سهله الانقياد
وتميل إلى إتباع الداعم الآخر لها من خارج بيئتها ، أو المستثمر الخارجي لخصوصيتها
، والمستغل لمثل هذا الميل الذي قد يكون مفهوما في بعض الأحيان ، ولكون
الأقليات عادة ما تعيش بهاجس وجودي دائم ، فان عيونها تنظر لقوة
خارجية ترتبط بها وترتكز عليها وتحتمي بها حتى لو كانت ظاهريا في موقع قوي ،
وتملك القوة اللازمة لحماية نفسها ..
ربما هذا ما تفهمه روسيا اليوم ، وعلى أساسه تعمل ،
ففضلت استغلاله والتعامل معه ولو بشكل بشع وفج ، فقامت على استقطاب ودعم الأقليات
في المنطقة خدمة لمصالحها ، وليس خوفاً عليها وحمايتها ، بعد أن فقدت الأمل من
أكثرية المنطقة وعموم الأكثرية الإسلامية فيها ، وقد تجلى مظاهر هذا النهج بشكل
خاص في تحالفها الغريب واللامنطقي مع الوضع " المذهبي
الإيراني الراهن " ، حيث أن روسيا أدركت أن حضورها الدولي
سوف لن يتم بغير هذا السبيل ، وهذا ما قد يستشعره المراقب العادي من خلال هذا
السلوك الروسي المريب ..
فروسيا " البوتينية
" تدرك اليوم " أن سلطة إيران
القائمة اليوم غير مقبولة من المحيط العربي والإسلامي على حد سواء ، ولا
تربطها أي علاقة سوية مع هذين المحيطين " ..!
لذا استغل الروس " الحكم في
إيران والقائم على فكر مذهبي منحرف ، والذي ربما يكون أسوأ فكر منسوب للدين
الإسلامي " وتحالفوا معه في وجه الأكثرية الإسلامية للأسباب التي
ذكرتها ..!
بالإضافة للحدود المشتركة والمجاورة ، فإيران
دولة ملاصقة لروسيا ، بالتالي يمكن أن تعتبرها مانعا طبيعيا وسياسيا وبشريا
يقف أمام وصول النفوذ والهيمنة الغربية والأمريكية بالقرب منها ..
إن ميل الحكم الإيراني " العنصري " والتركيبة السكانية الإيرانية المكونة
من مجموعة متنوعة من الأقليات المختلفة ، يجعل الأمر أكثر سهولة لجهة تحقيق
المصالح الروسية ، فالفرس الذين يحكمون إيران اليوم لا تتجاوز نسبتهم كما هو معروف
ثلث المكون السكاني لإيران ، لكنهم .. هم الحكام الفعليين والمتحكمين في كل
المفاصل الدولة الإيرانية وثرواتها ، وأصحاب القرار فيها ، وحتى يتماهون في محيطهم
فقد كرسوا نهج التمذهب بمذهب معادي بفكرة وثقافته وفقهه لعموم المسلمين
من جهة ، وللعرب في المنطقة من جهة أخرى ، وتطرفوا فيه ، وهو بالأصل " مذهب معارض تقليدي وتاريخي للسنة ، والفرس أنفسهم من
ابتدعوه " وجعلوه عامل تخريب بين المسلمين على مر التاريخ
..
إن روسيا تدرك أن عموم المسلمين السنة في
العالم ، وحتى دولهم التي يتبعون لها على اختلاف الأنظمة فيها ، لا يثقون بالحكم
القائم اليوم في إيران ، ولا يركنون لهم ، ولن يركنوا لهم على الأقل في المستقبل
المنظور ، ولا يثقوا ولن يثقوا بهم ، وهذه نتيجة طبيعية أو لنقل أنها ردة فعل على
السياسات العدائية الواضحة تجاههم ..!
لذلك دأبت " روسيا
" على تشجيع ودعم " إيران المذهبية
والعنصرية " التي ارتبطت كليا بها ، وأيدتها على سياستها
المنحرفة والشاذة في المنطقة والعالم ، لتصبح في المحصلة عامل ضغط على بقية الدول
المنافسة ، فقامت بتطوير قدرات إيران النووية على اعتبار أنها - أي
إيران - احد مكونات الحلف الاستراتيجي الجديد للأقليات في المنطقة المرتبط كما
قلنا مصيريا بالروس والخادم لمصالحها ، ولو بحجة الاستخدام السلمي للطاقة النووية
، بينما الأمر مختلف تماما ، ولم يعد مخفياً على احد ، فكل ما في الأمر هو مواجهة
المكون الإسلامي السني الأكبر ودوله في المنطقة والعالم ، ومن خلفهم الداعمين
المفترضين وهما أمريكا والغرب ، وهذا هو تكتيك الروس وهذه هي مرتكزات
سياساتها ، والذي بتقديري الشخصي ما عاد يحتاج الى كثير من الجهد لمعرفته ، حيث أن
العامة من الناس بات تعرفه وتدركه وبشكل جيد ، ولم يعد يجهله أو
يتجاهله الا متجاهل أو مخدوع فقط . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق