همسة في إذن
الأستاذ
" محمد عبد المجيد منجونه "
همسة مطولة بعض الشيء في إذن الأستاذ " محمد عبد المجيد منجونه " المحترم بعد قراءتي للرسالة المفتوحة التي وجهها للسيد أحمد عنان الجربا رئيس الائتلاف السوري المعارض ..!
أستاذي المحترم .. بعد التحية والتقدير اسمح لي أن اصارحك بشيء مما جال ويجول في خاطر الكثيرين مثلي من السوريين بعد قراءة تلك الرسالة ، أقول لك مع الأعتذار أنه بدا لي في كلماتك أنك متأثر كثيراً بالمتهرئ من الثقافة العربية التي تكونت في بدايات القرن الماضي ، وخصوصا ما يتعلق منها بعدائنا التقليدي للصهيونية والاستعمار ، وهذا رأي أو انطباع أزعم بأنني لست الوحيد الذي اتبناه ..!
وأنا آسف أن أقول لك ..بالرغم من الثقافة التي تتمتع بها والتي قد لا يستطيع ، أو لا يجوز لشخص مثلي انكارها ، الا انك ذهبت مذهب العامة من الناس وليس مذهب المثقفين وأصحاب الخبرات الكبيرة ، واقصد هنا ابتعادك عن الواقع بعض الشيء ، وعدم وقوفك أو عدم رغبتك بالوقوف على سبب أو أسباب هذه العداوة المتوارثة ، والتي لم توجد في ثقافتك فقط ، إنما في نفوسنا جميعاً بعدما تلوثت وتعفنت ، والتي يًفترض أن لا تكون عداوة بالأصل بل " خصومة سياسية " والتي تطورت لاحقاً من ثقافة الخصومة الى حقداً أعمى على عموم الغرب والأمريكان ، واعذرني لو قلت لك أنه بالرغم من خبرتك زمكانتك وارثك السياسي ، افترض فيما عرضت أنه لم يخطر ببالك كما الكثيرين تساؤلات بسيطة ومهمة جداً عن كيف وجدت مثل هذه العداوة .. ولماذا ..!
يا أستاذنا الجليل .. الغرب له قيم إنسانية يعمل في كثير من الأحيان على أسسها ، إلا إن مصالحة كما هي مصالحنا دائما ما تكون في المقدمة ، ويجب أن تكون كذلك ، وهذا أمر طبيعي..!
لكن الأمر الغير طبيعي هو أننا للأسف .. وهنا أقولها بمرارة شديدة .. أن يكون العيب فينا وهذه حقيقة ، فنحن الفاشلين ، وربما نكون افشل البشر على الكرة الأرضية في طرح قضايانا الأساسية ، أو التعريف بها ، مع أن كثير من قضايانا محقة ، لكن تقديمنا لها ضعيف وسيئ وبلا أدلة مقنعة ، فنحن أشبه ما يكون بالمحامي الفاشل الذي يتولى الدفاع عن قضية محقة ، المؤكد أنه سيخسرها ، لذا لا نلوم الغرب على فشلنا حتى لو كنا أصحاب حق ، فتجاهل الغرب لنا بالرغم من عداوتنا له أمر يجب على كل عاقل أن لا يستغربه ، إذا كنا نحن الجهلاء ..لا نعرف كيف نتعاطى معه..!
الان اكتشفنا أن اعدائنا المفترضين أكثر رحمة علينا من بعض من يعيش بيننا ، وهم في المحصلة سيئين لكننا نواجه اليوم الأسوأ ، فلنتعقل قليلاً ونحاول الاستفادة من " أعدائنا " أولئك، وهذا ليس صعبا ، يمكننا بالتعاون مع " أعداء اليوم " المحترمين أن نحقق مصالحنا بشكل أفضل من تعاوننا مع بعض من يسمون أنفسهم " أصدقائنا أو حلفائنا " الغير محترمين ، وأن نجعلهم أيضاً يقفون معنا بدل معاداتنا ..على فرض أنهم معادين لنا..!
لكن يا أستاذنا الجليل اليوم .. نحن نواجه ما هو أخطر بكثير من الصهيونية والاستعمار الغربي والأمريكي ، يدفعنا لإعادة النظر بهذه الثقافة البائسة ، وهو المد " الصفوي المذهبي العنصري " الإيراني ، الذي ساهم بايجاد " امبريالية وصهيونية استعمارية واحيانا استدمارية واستحمارية " في داخل بلداننا فاق ببشاعته كل ما مر به التاريخ البشري ، وهذا المد كما تعلم لا يحمل لا قيم ولا أخلاق ولا دين له صله بالأديان المعروفة ولا حتى ثقافة من ثقافات البشر..!
فإيران اليوم يا أستاذنا الجليل .. فعلياً وعلى أرض الواقع هي عدونا الأول وليس غيرها ، وأكثر من الصهيونية والامبريالية والغرب والأمريكان ، لا بل ولا مقارنة بينهما ، بدليل أنها قتلت من العرب أكثر مما قتله كل هؤلاء الذين تفترض أنهم أعدائنا ، ربما هم اعدائنا " نظرياً وتنظيرياً " لكننا عملياً لم نستشف أو نكتشف من أي احتلال أو استعمار مر علينا من هؤلاء وتحت أي مسمى أنه كان بدافع الحقد والكراهية كما هو حال ايران اليوم ..!
فكل ما عرفناه أنه كان للبناء وتبادل المصالح وليس للتدمير ، وان اختلفت النسب في ذلك بيننا وبينهم ، أو من المستفيد أكثر من الاخر ، وفي ظروف خاصة ، وحتى الكيان السياسي الحالي " إسرائيل " المرتبط بثقافة أقلوية تلمودية يهودية أراها ليست المشكلة الأكبر اليوم ، وستنتهي في مده قصيرة بحكم الديمغرافيا ، وهي في كل الأحوال لا تحتل أكثر من 24 ألف كم مربع ، بينما إيران تحتل فقط الأحواز أو عربستان التي تقدر مساحتها 185 ألف كم مربع بالإضافة للجزر العربية في الخليج ، ثم أن إيران اليوم تعدياتها على الدول العربية واضحة ، ولا تحتاج إلى دليل ، وسعيها الدائم نزع الأقليات منها وتخريبها عليها ، ودعم شواذها وتأليبها على أكثرياتها ، الغرب وامبرياليته وصهيونيته والأمريكان لا يفعلون ذلك ، أضف إلى ذلك بالمقابل أن إيران اليوم تقتلنا في سورية علناً من خلال عصاباتها المذهبية تحت توجيهات وفتاوى " المفسد الأعمى " وبإطار تكليف شرعي ونصرة آل البيت..!
أنا لا ادافع عن " الجربا " لكن ما قاله إن لم يكن كلنا نستشعره ونؤيده فاني أقول لك أكثريتنا ، لأن إيران هي من بدأتها مذهبية بدافع العداء القديم للعرب والعروبة وليس " الجربا " أو غيره من بدأها ..!
وأنا أقول لك بكل صراحة لو كانت إيران تملك من العقلانية والحكمة شيئا واعترفت بحق الشعب السوري في اختيار نظامه السياسي ، واعتبرت أن ما قام به عمل ثوري سامي بدرجة امتياز ، ولا يقل سمواً عما قامت به إيران ضد الشاه ، وأقرت صراحة بالثورة السورية وبحق الشعب السوري بتغيير قيادته الحالية صراحة ، وطلبت على الفور سحب عصاباتها من سورية ، على فرض أنها أخطأت في التقدير حين ذاك سنقول أن كلامك على حق ، والجربا أخطأ ...!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق