" آل الأسد "
والدور السوري
كنت من بين الكثيرين الذين كانوا يشعرون بالفخر والاعتزاز حينما
يسمعون مقولة " دور سوريا الكبير " في المنطقة ، وأتذكر جيداً ذلك الشعور الرائع الذي كان ينتابني
حينما تُقال تلك الجملة أمامي ، وكنت أصدق ذلك معتقداً بأن هذا " الدور" هو هبه الله لنا
، وهبنا إياه ، وخصنا به فقط نحن السوريين عن بقية العالم ، وهذا " الدور" المزعوم الذي تخيلته ما
هو الا محصلة حضارية موروثة لتلك الخصوصية ، والمعني فيها البشر والجغرافيا
السورية حصراً في هذه المنطقة ..!!
كنت أتخيل أن هذا "
الدور" قد يوصلنا يوما ليس التأثير على العالم بل ربما قيادته وحكمه ،
وأن هذا الأمر قدري الهي ، وبالتالي السلطة الحاكمة المكلفة بإدارة هذا " الدور" بدءا من " القائد الى الأبد الخالد حافظ الأسد إلى ابنه الولد ،
ووريثه في حكم البلد " جزء من هذا القدر
المكتوب ..!
كنت أشعر بالسعادة والفرح عند سماعي كلام يخص " الدور" ، وكنت أتفاخر به أمام
أصدقائنا من بقية الأقطار العربية ، لدرجة أنني كنت أشعر بأننا نحن السوريين شعب
الله المختار في هذه الأرض ، وربما أكثر مما كان يعتقد اليهود أنفسهم ..!
مشينا بلا بصر ولا بصيرة وبلا عقل ولا عقلانية وراء
تلكم المقولة المبهمة والفارغة ، والمشوهة أو الممسوحة المعالم عن ذلك " الدور" المزعوم لسورية " الأسد " ، وافترضناه أي " الدور" هو
المحرك الأساسي والرئيس في حراك العالم الإنساني الواسع والمتنوع ، وللأسف لم نكلف
أنفسنا بالتعقل والتفكير بماهية هذا "
الدور" أو البحث فيه لمعرفة تفاصيله وكيفية نشوءه ، وقبلها أن نتأكد من
وجوده فيما لو كان موجود بالأصل ..!
أو نقف فيما بيننا وبين أنفسنا وقفة تأمل وتمعن ،
وبشيء من العقلانية للتحقق من آثار مثل هذا "
الدور" في حال وجوده على ارض الواقع ، وفهم المرحلة التاريخية المعاصرة
لسورية ..!
لم نفعل شيئا تجاه ذلك ، لا بل بقينا نسمع ونتلذذ
بالسماع ونتفاخر ، ونستشهد به في كثير من الأحيان وفي مختلف المواضيع كما المعاتيه
، بدون فهم حقيقي لمضامينه ..!
اليوم بدأنا نفهم هذا "
الدور" الكبير لسورية ، بعدما عرفنا أن سوريا المقصودة ليست سورية التي
نعرفها الأرض والشعب والتاريخ ، وأن سورية الحقيقة .. سورية الحضارة والتاريخ غير
موجودة ، إنما الموجود هي السلطة الحاكمة "
التاريخية " التي يتزعمها " آل الأسد " والذي يتربع على
هرمها المعتوه الأرعن بشار الأسد والتي تعتبر نفسها هي سورية ، فـ " الدور" المقصود هو " دور آل الأسد " فيما يسمى مجازاً سورية لجهة العمالة والتخريب والسمسرة في
المنطقة والعالم ، وليس سورية فقط ، واستهداف العرب كأمة من خلال هذه السلطة
، وضرب قضاياها ونسف دورها كنواة للأمة الاسلامية ، والتشكيك
بقدرات العرب ، وعلى رأس هذه القضايا التي تضررت منهم قضية العرب الأولى
فلسطين ، ثم التامر على البلدان العربية وتقديمها على طبق من ذهب
لأبشع وأسوأ النظم في العالم سواء كانت في روسيا أو ايران أو غيرها ...!
نعم لقد فهمنا " الدور" جيدا الآن .. ومتأخرين ، ورأيناه بوضوح تام وعلى حقيقته
البشعة التي لا لبس فيها ، وعرفنا أن صلب هذا "
الدور" ، وقاعدته الأساسية ، هو العمالة والخيانة و تنفيذ مصالح
خارجية وتقديم امتيازات خاصة لدول بعينها مقابل أمر واحد ووحيد وهو " بقاء فئة من أقلية حاكمة والحفاظ على استمرارها لتقوم
بالدور المطلوب " بخلاف إرادة الشعب
السوري ، وهذا ما يفسر سر ربط هذه السلطة أو سلطة " آل الأسد التاريخية "
ومصيرها بارتباطات مذهبية وطائفية ومافياوية خارجية .. وإلا كان سيبوء هذا " الدور " بالفشل ..!
وهذا على ما يبدو الذي كان يقصده "
المعتوه الأرعن بشار الأسد " في قوله أن "
المنطقة ستهتز " ، فهو لم يكن ينجّم ولا يتنبأ ، ولم يكن ذكيا بالقدر الكافي
الذي يؤهله قراءة المستقبل ، إنما هو " علمه
اليقيني من خلال الوثائق التي يملكها والمعاهدات السرية والاتفاقيات المعقودة لهذا
الغرض " والتي تؤكد طبيعة الروابط التامرية
الموجودة من أيام المقبور أبوه ..!
وإلا بماذا نفسر وقوف دولة عظمى مثل روسيا معه ، واستماتتها في
بقاءه على سدة الحكم ، وكل الشعب السوري يقف ضده ، وثائر عليه ورافض لأي صيغة
لبقاءه ، وحتى أكثر دول العالم تقف ضد بقاءه ، الم ترى تلك الدولة العضمى .. روسيا
.. شخصا آخر بكل الشعب السوري يكون كفؤا لرئاسة سورية تبني معه علاقة
سوية ، تتحقق بها ومن خلاله مصالح البلدين معاً ..!؟
أيكون غير ذلك "
الدور" اللعين من يدفعها لمثل هذا السلوك الشاذ والمنحرف المرتبط
بأشخاص لا يمكن لنا أن نصفهم إلا " عملاء " وليس مسئولين في دول .. !؟
ثم ما الرابط الذي يربط بين إيران المذهبية وسلطة
الأسد " العلمانية البعثية "
، إلا المحافظة على مكاسب حصلت عليها إيران الملالي من العميل الكبير وبقيت
موصولة دون انقطاع الى العميل الصغير ابنه ، إلا ذاك الذي تحقق لها في
المنطقة من جهة ، وتوسع نفوذها على حساب الجميع ، ومن جهة أخرى حضورها في
العالم ، الذي ما كان ليتم أو يتحقق لولا ما أن ربطت السلطة العميلة نفسها
بكل الروابط الأنفة الذكر معها ..!
اليوم أدركنا أن هذا "
الدور " الذي جعل إيران تصل إلى شاطئ المتوسط من جديد بعد آخر ملك
فارسي بفارق زمني يزيد عن الألفين وخمسمائة عام ، وهو الفاصل الزمني بين كورش
وملالي الفرس في قم وطهران ..!
وإيران من خلال هذا "
الدور " تحقق لها فعليا احتلال لبنان وسورية سياسيا بشكل كامل ،
أما العراق فاحتلالها له فوق السياسي .. صار عسكري مذهبي للدرجة التي بات تابعا
بالكامل لها ، لتعود إمبراطورية فارس المجوسية من جديد ولكن المرة بشكل اخطر لأنها
أرتدت الثوب المذهبي المقيت ، وذلك بفضل "
دور سورية الكبير " الذي تقوم بإدارته على
أكمل وجه " سلطة آل الأسد " ولتصبح
حدودها الجديدة من أذربيجان وأرمينيا شمالا ، وبحر قزوين وتركمانستان إلى
أفغانستان شرقاً ؛ الى تركيا غرباً ، فالعراق فسورية ولبنان على
البحر الأبيض المتوسط وتحادد اسرائيل جنوباً ..!
أنا شخصياً أرى بلد مثل إيران
معذورة اليوم على هذه الاستماتة بالدفاع عن " سورية ودورها تحت حكم بشار الأسد " ، فمن أين ستأتي بعملاء أفضل من
" آل الأسد " ودورهم في المنطقة الذين استثمرت بهم كثيراً ،
لقاء هذا " الدور
الاستراتيجي " والذي دفعت لأجله عشرات المليارات
كأجور واتعاب ومصاريف لقاء هكذا خدمات ..!
فعلاً أنه دور كبير لسورية آل الأسد !!
هذا رأيي ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق