الخميس، فبراير 14، 2013

الأسود والكلاب



 ( الأسود )

و

الكلاب


لم نكن نحن العرب من اعتبر حيوان " الأسد " أيقونة الرفعة والسمو والفخار والقوة والثبات للإنسانية ومنذ آلاف السنين ، لكننا نحن من وضع له مئات الأسماء والأوصاف ، فقد ظهر حيوان " الأسد " كرمز في الكثير من الحضارات الأوروبية والآسيوية والأفريقية ، بالرغم من تعرّض البشر لهجوم هذا الحيوان وحتى للافتراس في بعض الأحيان ، وعلى عكس قناعتي فقد تمتع هذا الحيوان بوصف إيجابي في أكثر الأحيان ، فقيل أنه قوي وشرس لكنه على الرغم من ذلك نبيل ، وهذا بتقديري الشخصي غير صحيح ..

وله من الأوصاف والألقاب المألوفة في معظم الحضارات مثل لقب " ملك الأدغال " أو " ملك الغابة "، و" ملك الوحوش " الكثير .. الكثير ..!

وبالتالي فإن الأسد ومنذ القدم أُعتبر رمزا للملكيّة والمجد ، بالإضافة للشجاعة ، من هنا وبحسب هذه النظرة عنه ، يمكن فهم حالة الاستهواء لبعض الأفراد أو الجماعات وعشقهم لهذا الحيوان ، وانتسابهم له أو تكنيه أنفسهم  به ..

لكنني كما أسلفت أرى المسألة مختلفة تماما عما تناقلته ونقلته الثقافات القديمة ، ولا أميل بالأصل لاحترام هذا الحيوان الذي انخدعنا به ، لطالما أن حقيقة أمره هو عكس ما يشاع عنه ، فالأسد قوي البنية وله هيبة ما ..صحيح ..

وربما جاءت من رأسه الكبير ولبدته الكثة وصوت زمجرته القوية ، إلا انه حيوان كسول بطبعه ، ولميله الدائم للنوم يمضي وقته وهو مسترخي ، وكأنه يستهوي أو يتعمد الخمول ، فيقضي معظم نهاره وهو خامل ..

كما انه حيوان لا يوثق به ، ولا علاقة له بالوفاء ، فهو غادر ابن غادر ، يغدر بمن يرعاه ويطعمه لو أحس بشيء من الجوع ، وهو اتكالي ودنيء يترك زوجته " اللَّبُؤَةُ " لوحدها ، تصطاد له الفرائس ولا يكلف نفسه حتى التقدم لها .. بل هي من تجلبها له ، ولأنه شره للطعام فيلتهم منها ما يشاء ومن المكان الذي يشتهيه أولا ولوحده ، وحتى قبل أشباله ، وهو جاثم ومسترخٍ .. يتربص بمن يقترب ليأكل معه ، لا يحمي بيته من أي اعتداء خارجي فزوجته هي من تقوم بالحماية ، وبالدفاع عن الأشبال من أي تهديد الذي ربما يكون هذا التهديد من أسد آخر مغتر ، أو ربما ضبع أجرب جائع ..

هو بلا " غِيرة " ولا يغِير حتى على " عرينه " ، وفوق هذا وذاك فهو لا يتورع عن قتل أشباله نكاية بهم أو بأمهم بطريقة قد تفوق طريقة قتل أو أصياد زوجته للفرائس بدون شفقة ولا رأفة ..

فإذا كان الأسد الحيوان يتميز بهذه المزايا المشينة وهو الأصل فما شكل تلك الميزات التي يتميز بها ذاك الإنسان القذر المستأسد والمفتخر بنسبه لهذا الحيوان يا ترى ، وأي مستوى من السوء يمكن أن يكون عليه ..!؟

لعل الذي حفزني على كتابة هذه الكلمات هي الرغبة في كشف حقيقة " الأسد " لكثرة ما سمعته من شتائم على" الأسدين الأب والابن " على ما فعلاه في سوريا ، وما أوصلانا إليه من حالة البؤس ، والدمار والخراب والقتل ، وإرجاعنا عشرات السنوات إلى الوراء ..

ولعل أسوأ تلك الشتائم هي وصفهم بأنهم " كلاب أو أولاد كلاب أو الكلب الصغير والكلب الكبير وما إلى ذلك من النعوت والأوصاف " ..

 ودفاعاً مني عن الكلب المظلوم ، ولأنه يستأهل الدفاع عنه مقابل ابن الحيوان " الأسد " فأنني خرجت بعض الشيء عن المألوف وبينت حقيقة الأسد الحيوان ، وقارنت مع الأسد ابن الحيوان ، والذي خدعنا الأول بمظهره قبل أن يخدعنا الثاني بنهجه ، عندما لم أجد فرقا كبيرا في ميزتي الحقد والغدر اللتين يتصفان بهما بل بدرجتهما فقط ، والتي تميل بطبيعة الحال للطرف الثاني ..!

إن نعت بشار الأسد بـ" ابن الكلب " لا يصف موصوف ولا يقترب من واقع ، وان كانت شتيمة " الكلب ابن الكلب " باتت أمر طبيعي يرددها السوريون على ألسنتهم مرات عدة في اليوم ، وفي كل مجلس غضب ، الا أنها تندرج في دائرة التعبير الغاضب عما ألت إليه الأمور في سوريا مع فقدان المفردات اللازمة والمناسبة للتنفيس عن هذا الغضب  ،  .. لكنه في كل الحوال هو ظلم كبير للكلب .. لماذا .. !؟

لأنني حينما أصف شخصاً بالكلب فهذا يعني .. في جانب منه يكون أقرب لمدحه منه للذم ، ويا ليت أن ما في الكلب يكون فيه ..!!

يدفعني للابتسامة أحيانا ذاك الذي يشتاط غضبا على مشهد دموي أو أنساني تبثه محطة تلفزيونية ، وأضحك عندما يبدأ باللازمة المعتادة انظروا " الكلب ابن كلب " ماذا فعل بنا ..!؟

ويقصد " بشار الأسد " بطبيعة الحال ..
هو لا يدري أنه فعليا يمدح " بشار الأسد " ، وهو بذلك وان بدت محاولة منه في أن يدني " الأسد " إلى ما يعتقد أنه دونه ، على اعتبار أن الكلب هو دون " الأسد الحيوان "  في المرتبة ..  وهو معذور في ذلك ..!

لكن المهم في الأمر هو أنه من حيث لا يعلم يذم الكلب بالأسد ، وليس العكس ، وهنا تقع الإساءة على الكلب من خلال وصف " بشار الأسد " به ، وهذا ما لا يجب أن نقبله للكلب .. لماذا يا سادة يا كرام ..!!؟

لأن الكلب فيه من الصفات ما لا توجد لا بـ " بشار الأسد ولا بأبوه " ولا حتى بأي فرد ينتمي لهذه العائلة القذرة التي جابت معها قاذورات العالم ورمتها في بلدنا لتلوثه وتلوث المنطقة المحيطة بأكملها ، بلا شعور بأدنى مسئولية تجاه ضمائرهم أولا ، هذا إذا كان فيهم شيء اسمه ضمير ..

فالكلب وفّي ووفّي جدا ووفّاء الكلاب موصوف ، وصادقة في تعاملها مع صاحبها أو راعيها ، ومخلصة جدا لمن يرعاها ويقدم لها لو مسحه على رأس ولو كان كلب شارد..

أما الأمانة التي تتميز بها الكلاب فحدث عنها بلا حرج ، فهي تحافظ على ما أُتمنت عليه بروحها ولا تغدر أو تتخلى عن أماناتها لو قُتلت دونها ، فهل مما ذكرناه من هذه الصفات موجودة في " حافظ الأسد أو شبله بشار الأسد " وحتى فيما بينهما من اللمم ، أو هل فيهم أو كان فيهم شيء يسير مما يتوفر في الكلاب من الوفّاء أو الصدق أو الإخلاص أو الأمانة كانوا قد أبدوا شيئا من ذلك تجاه أحد ..!؟

إذا على ماذا ولماذا  تُذم الكلاب يا ترى بـ " ال الأسد " ..!؟

فلنترك الأسد كما هو الأسد وابن أسد كذلك ، ولنعتبر كل هذه القاذورات وسفلة البشرية التي امتحننا الله بها " اسوداً " أيضاً ، ولتبقى الكنية المذمومة " الأسد " كما هي ، واذا ما استُخدمت مفردة " الأسد " فيما بيننا ، او اذا كان لابد من استخدامها ، فلتكن كصفة قبيحة وذميمة ومحتقرة ، أو لتكن شتيمة .. ووصف لكل منحط وقذر ، لان " الأسود الحيوانية والإنسانية " كلاهما أسفل من بعضهما خصوصا في بلدي سوريا ..وبالتالي كل من يقف مع السلطة القاتلة التي يقودها " ال الاسد " أو يؤيدها هو " أسد ابن ستين أسد "..

هذا رأيي ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...