الأربعاء، يناير 30، 2013

متلازمة ستوكهولم

" متلازمة ستوكهولم "
السورية
يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي جان بول سارتر
" أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم "


ويقال أيضا " إن الضحية دائماً تحب جلادها "  لدرجة أنه حتى إذا انتهى جلادها ولم يعد له وجود ، فإنها تبحث عن جلاد جديد ..!!
 
أو كما يقال في المثل الشعبي المعروف  " القط لا يحب إلا خنّاقه " ، وهذا كما يبدو لي هو حال جميع ضعفاء النفوس أينما وحيثما وجدوا ..!
 
اسقاط مثل تلك المقولات وما تعنيه على واقعنا السوري ، استنفرني ودفعني لكتابة هذا المقال ، وحوّلت المقولة إلى سؤال :
هل  " الضحية دائماً تحب جلادها "  ..!؟ 
 هذا سؤال مهم ..
لكن الأهم في الحقيقة هو أن لا يكون السؤال بهذه الصيغة ، هل " الضحية " تحب جلادها ..!؟

بل أن الأهم منه هو السؤال التالي :

هل يمكن أن يقع الجلاد في حب ضحيته لو تجاوبت معه  ..!؟

وهل يمكن له أن يثق فيها أو أن يركن لها ..!؟
بشكل قاطع الإجابة .. لا ..!!

 هنا ندخل إلى ما تسمى " متلازمة ستوكهولم " لفهم جانب من مشاعر بعض السوريين تجاه الثورة ، وهي أي " متلازمة ستوكهولم "مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي عادة ما تصيب الفرد " الضحية " عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو جلاده أو من أساء إليه بشكل من الأشكال ، وفيها يُظهر الفرد " الضحية " علامات الولاء لجلاده ، كما في حالة أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف ..

فالضحية حينما تكون تحت ضغط كبير ، فإنها تبدأ وبشكل لا إرادي بصنع آلية للدفاع عن وجودها ، وذلك من خلال سلوك يوحي بطمأنة الجاني وإقناعه بالجدية في هذا المسعى ، خاصة إذا أبدى الجاني حركة ما تنم عن شيء من الحنان أو الاهتمام ، حتى لو بدت صغيرة أو صغيرة جداً ..

فالضحية على المستوى النفسي تقوم بتضخيمها لتبدو كالشيء الكبير جداً. وفي بعض الأحيان تشعر الضحية بخطورة إنقاذ ذاتها من خلال التمرد أو الثورة على واقعها ، وتذهب بالتركيز على احتمالية أن تتأذى إذا ما حاول أحد مساعدتها أو إنقاذها ، لذا نجدها تتعلق بالجاني لتحفظ ذاتها ..  


ربما تظهر مثل هذه الحالة كذلك في حالات العنف أو الاستغلال الداخلي ، وهي حالات العنف أو الاستغلال العاطفي ، أو الجسدي أو الجنسي  التي تحدث في داخل العائلة الواحدة ، خاصةً عندما يكون الضحايا أطفال ، فنلاحظ أن الأطفال يتعلقون بالجناة أو المعتدين بحكم قرابتهم منهم ، وفي الكثير من الأحيان نجدهم لا يريدون وربما لا يرغبون  أن يشيروا بأصابع الاتهام إليهم .


في كل الأحوال لا يمكن للضحية أن تنسى الجلاد ، لكن الجلاد قد يكون أحمقا ولو في حالات نادرة و يعتقد أنها نسيت .. 

أما على الصعيد المجتمعي ، فيمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة الاستبدادية القمعية ، فعندما لا تملك السلطة الحاكمة شرعيتها من أغلبية الشعب ، وتصبح وسيلة الحكم الأساسية لهذه السلطة هي القمع ، تتضخم هذه الوسيلة لتصبح ضاغطة على إفراد المجتمع ، ولمدة طويلة ، فيطور خلالها الأفراد علاقة الخوف المستمر من بطشها ..
الا ان الجلاد او السلطة تدرك هذه الحالة مع الوقت ، وتتقن لعبة ابتزاز المجتمع ، فيعتاد الشعب على القمع والذل لدرجه تجعله يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل ، ويظهر من طبقات المجتمع المختلفة الكثير ممن يدافع عن " الفاعل أو الجلاد  أو السلطة " وعن قمعها وربما يعتبره ضرورة ويتناسى كل شيء سيء عنها بالمقابل يذكّر بمحاسنها القليلة ويبرزها بشكل لافت في بعض الأحيان ، هذا إن وجدت محاسن بالأصل ، دون الالتفات إلى مظاهر ولا حتى نتائج ذلك القمع والفساد ...
ويبقى السؤال قائما وفق " متلازمة ستوكهولم " هل يمكن أن يقع الجلاد في حب ضحيته لو تجاوبت معه  ..!؟
الواضح عندنا في سورية أن الجلاد مختلف ونادر والضحية كذلك ..!

لذلك أرى انه بعد مرحلة " آل الأسد " القمعية والأسوأ ربما في التاريخ البشري ، وبعد تشخيص سليم لصمت الصامتين في المجتمع السوري أمام المجازر والإبادات الجماعية والتدمير الممنهج ، نستطيع القول أن أكبر من " متلازمة ستوكهولم " ..وفي مراحل متقدمة منها وغير مالوفة وغير مكتشفة لغاية اليوم هي من تتحكم بسلوكيات كثير من شرائح المجتمع السوري اليوم ، بالتالي نحن أمام حالة أسوأ منها للأسف أصابت قسم كبير من السوريين ، نتمنى أن يكتشفها لنا علماء النفس ...!

الثلاثاء، يناير 22، 2013

فليعلّك

( فليعلّك )
 

 بشار الأسد في مقابلة مع وسيلة إعلام إيرانية لا يعترف بوجود ثورة في سوريا ، ربما تزعجه مفردة " ثورة " لأن سوريا في واقع الأمر هي " سوريا الأسد " ، ما يعني له أنا الكيان الذي لا شريك للأسد فيه ، وربما  اسمها المتداول ذاته ينفي أي إقرار بالشراكة الوطنية فيه ، فما في سوريا هذه ، هم عبيد وخدم وأتباع ، وليسوا شركاء أو خصوم أو أنداد ، لأنه بالأصل تعلم أن لا يعترف بوجودنا كشعب يستحق حياة حرة كريمة ،  ببساط لأن سوريا بالنسبة له مزرعة موروثة ..
فإذا كانت مفردة " ثورة " تزعجه فنحن نطمئنه بأن مرحلة الثورة انتهت ، ودخلنا منذ فترة في مرحلة حرب تحرير شعبية ليست ضده ، بل ضد المحتلين الذين دعموه لغاية الآن ، والذي يمثل شخصه ونظامه فيه أداة بسيطة ليس إلا  ..  

لغاية الآن " بيطلعلوا يعلّك على كيفو " لكن .. لا أبقانا الله لو أبقينا من هم خلفه في هذا البلد  طال الزمن بهم أم قَصُر ، ولن يثني عزيمتنا عن هذا الأمر ثاني ، ولو اجتمعت أمم العالم جميعا معه وليس فقط محور الشر " المافياوي المذهبي "  الأقبح في التاريخ ، وتباً لنا وتب لوا تراجعنا أو فكرنا حتى بالتراجع عن إزاحته ، وبقوتنا السورية الذاتية الداخلية ، مهما كان الثمن غاليا ، ولن تنتصر ثورتنا شاء من شاء وأبى من أبى فقط ، بل سنحرر كامل التراب السوري من هذا الاحتلال الأبشع من نوعه لغاية الآن ، فلدينا والحمد لله من العزيمة والإصرار في هذا الاتجاه ما لا يمكن أن يتخيله أحد ..

و "
ليعلّك " الأسد " بروسه وفرسه " كيفما شاء ، وأينما شاء ، وعلى ما شاء ، فالقادم قادم ، والعالم يرى ، والأيام بيننا ، " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " صدق الله العظيم

السبت، يناير 19، 2013

تعليقا على وليد المعلم




تعليقا على ما ورد في مقابلة


" وليد المعلم "


في المحطة الفضائية السورية





أكد المعلم في مقابلته التلفزيونية يوم أمس " أن من يتمسك بطرح تنحي الأسد يريد استمرار العنف في سوريا " ..

ونحن نقول له  :

هذا يعني لنا بكل وضوح يا سيادة " المعلم " أنك تعني  أن شعار " الأسد أو لا أحد " ، أو " الأسد أو أن نحرق البلد " بمن فيه هو سياسة السلطة التي أنت وزير خارجيتها  ، وكأن الشعب السوري لا قيمة له في المعادلة القائمة اليوم ، والبلد كله مزرعة " لآل الأسد " ومن يدور في فلكهم ، والسوريين حيوانات تعيش فيه ..!

ولا ندرى ماذا ستفعل يا سيادة " المعلم " اذا ما مات " بشار الاسد " موت ربه ، بجلطة ، أو انتحار ، تسمم ، أو حادث دراجة هوائية .. وهو يلهو مع أولاده .. الخ ، المهم انه مات ، من سينوب عنه ومن سيتولى الرئاسة يا ترى في عرف سلطتك القائمة الان .. ويحكم البلد بدلاً عنه ..!؟

 ألهذه الدرجة من الاهمية ترونها لهذا المسخ في بلد تمتد جذور عراقته الى ما قبل التاريخ ..!؟

قد يقول قائل أنك يا سيادة " المعلم " لم تغلق الباب بل كنت تصّر فقط على أن يكون  الحل سوري ، وبدون تدخلات خارجية ، وتحت سيادة الوطن ، أو سقف الوطن ..  وما إلى ذلك من هذا الكلام " الملغوم " ، وإن بدأت أشك بكل مفاهيمكم  المتعلقة بالسيادة التي نعرفها وتعلمناها والمغيرة تماما لما تطرحه سلطتك  ونرى ترجمتها  على ارض الواقع .. !

 ربما العمل السليم الذي نراه يا سيادة " المعلم " ، وقد نصبح معه ، اذا ما أوقف القتل والتدمير للمدنيين وأملاكهم في سوريا ، وظهور رئيسك " بشار الاسد " نفسه معلنا الاعتذار من الشعب السوري عن كل ما جرى ، وثم أمره المباشر للمعنيين بتكوين لجان تحقيق تحت رقابة دولية ، كمبادرة منه لا ثبات حُسن النية ، لتثبت بأن القتل والتدمير لم يكن بأوامر أو بتوجيه منه ، وسحب الجيش ، ووقف دور الأجهزة الأمنية " العصاباتية " التابعة له ولهذه السلطة ، ومنع توغلها من جديد في كل صغيرة وكبيرة ، ثم وقف ملاحقة كل حر من الذين ثاروا بقصد نيل الحرية واسترجاع الكرامة التي كان سلطتك تريد سلبها بالعنف والقمع من عموم الشعب السوري ، وبعدها أوكد يا سيادة " المعلم " بأنه يمكن أن نتحدث بالخطط والحوارات واللجان وما الى ذلك من هذا الكلام  ..!

أما مسألة التراجع عن شرط تنحي رئيسك " بشار الاسد " ، والتراجع عم أهدافنا والقبول " بشروطك وشروط معلمك يا معلم "  فهذا هو الخنوع والخضوع الذي لا يمكن أن تقبله أنت فما بالك الشعب السوري ، لأن الشعب السوري لو قبل بما تريده انت ورئيسك يا سيادة " المعلم " فانه يعني اعتراف بخطأ لم يرتكبه هذا الشعب ، وبالتالي ستكون ابسط الارتدادات عليه تعزيز أكثر للسلطة العائلية الشمولية الديكتاتورية المرتبطة كما تعلم بأسوأ حلف عرفته البشرية ..!

أليس كذلك ..!؟

الجمعة، يناير 18، 2013

عمران الزعبي





عمران الزعبي
وزير النفاق






مع كل ظهور إعلامي ، ومع كل تصريح صحفي ، يقهرني وزير النفاق " عمران الزعبي " الحوراني ، المتملق والوصولي الانتهازي المهذار ، الذي لا يساورني شك بأنه كاذب وسافل ومنحط ودنيء ، وهذا هو شعوري تجاهه على الدوام ..

ولا أدري أي مجنون يأخذ إصراره على محمل الجد بأن " الجيش العربي السوري " مازال جيش حقيقي ، ولم يصبح عصابة قاتلة بعد ، أو أنه بالاصل عصابة قتل واجرام تحمي عائلة حاكمة ، وانه سوف يدخل كل بيت لملاحقة " الإرهابيين "  ، متجاهلا أبن عشيرة الزعبي المحترمة الحقيقة التي يعرفها ويتعمد أن يحرف عنها .. !؟

لا غرابة في ذلك ، فهو بداية مُنكِرٌ لاصله ، ومنسلخ عن بيئته ، لربما يكون من مواليد دمشق أو أن قيده قد نُقل من بلدته الحقيقية .. وفق الهوية ، فهذا لا يغير من سفالة منبته شيء ،حتى لو كان أصله يعود إلى " قرية دير البخت الحوارنية المنسية  " .

عمران الزعبي ذلك الابن العاق لأهله ، المنعزل عنهم ، الساكت على مظلوميتهم ومعاناتهم وهو ابن بلدة نائية منعزلة تقع في اطراف حوران ،لقد  أصبح المذكور بصفته الحالية ، من أولاءك الذين يستحضرون البؤس والكآبة والضجر ، وممن يستجلبون " الهم والغم " لنفس المتابع  بسرعة الضوء ..!


لقد أساء لعشيرته " الزعبيه " أولاً ، وجلب لها الخزي والعار ، وأساء لقريته ولمحافظ درعا التابعة لها ، وجلب لهما الذل ، وأساء لكل حوران ، وأساء لكل سوريا وبارك القتل والتدمير فيها ، وبرر ودافع عن المجرمين والقتلة في السلطة ، وأيد نهجهم  ..!! 

وأنا هنا أسأل كبقية البشر .. أو لا يدرك هذا المنحط والدنيء بأن من لم يكن به خير لأهله فلن يكون به خير لغيره ، وان أفضل الناس منزلة عند الله تعالى أنفعهم للناس ، وأن خير الناس من أخرج الحرص من قلبه ، وعصى هواه في طاعة ربه ..!؟

وكما في الحديث ( خير الناس أنفعهم للناس )  ..

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ  ) و ( إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن , وأن يفرِّج عنه غمًا , أو يقضي عنه دينًا , أو يطعمه من جوع )  ..
أين هذا الوضيع  من هذا الكلام ..!؟

" عمران الزعبي " ابن عشيرة الزعبي التي لا بد وأنها صُدمت بعهره ودعره ، العشيرة المبتلاة بدائه ، أو لم يدرك هذا الوضيع بعد أنه أصبح ربما أسوأ من الكلب الأجرب التابع لـ " علي مملوك " ، الذي من حيث يدري أو لا يدري  ،  ينبح لمن يقدم له بقايا وفضلات أطعمته المتعفنة ، وينبح على من هم أطهر وأشرف منه ومن " مملوكه "  الذي نصبه وزيرا " لإعلام العهر والدعارة " ، في السلطة الحاكمة ..!؟

أولم يدرك بعد أنه مهما بلغت به المناصب في السلطة الحالية ، فلن تصل قيمته  أكبر من قيمة " ورقة حمام " لن تستخدمه السلطة أكثر من مرة ، وسترميه بعدها بقرف واشمئزاز في سلة الزبالة أو فتحة المرحاض ، وتشد عليه " السيفون " غير مأسوف عليه ..!!

أخيراً يبدو لي أن المشكلة ليست بصفته الرسمية ، وإن ازدادت بعض الشيء بعد توزيره ، إنما المشكلة في الأساس هي في تربيته وتكوينه النفسي وشخصه الحقير ، وشخصيته الوصولية والانتهازية القذرة ، بدليل تنطحه قبل اعوام حينما انبرى كمحامي ، ووكيل عن المخبر الحلاق الهارب من لبنان " حسام حسام " ، الذي أُتهم بتظليل التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق " رفيق الحريري " ..


الأربعاء، يناير 09، 2013

نعم لقد انتصر الشعب السوري


نعم
لقد أنتصر الشعب السوري
 


بكل تأكيد لم يكن الهدف الأساسي من عملية إخماد الثورة وسحق الثائرين في سوريا من قبل الديكتاتور المعتوه  واستخدامه شتى أنواع الأسلحة الثقيلة هو قتل آلاف الأشخاص ، بقدر ما كان الهدف هو قتل الأمل في نفوس ملايين السوريين الطامحين والساعين إلى حياة حرة كريمة ومستقبل أكثر إشراقاً بعيداً عن العبودية القميئة وتقديس القائد الإله والأبدي ، والامتنان لمكرماته ..
لقد تأكد لنا وبتنا على يقين من أن التدمير الوحشي لسوريتنا الجميلة بمدنها العتيقة والعريقة ، وقراها الجميلة والوادعة ، عقابا أنزله " الديكتاتور المعتوه "  على من تجرأ على الاقتراب من الهالة المقدسة التي أحاط نفسه بها من خلال مؤسساته الأمنية الإجرامية المرعبة التي جسدته كإله ..

السؤال هنا .. أليس كفرا وإلحاداً ، وخروجا عن ما رُتب لك ، أن تشكك بالنظام الإلهي التابع لآل الأسد ..!?
 أليس غريبا أن يكون لك رأي مغاير لما يقره القائد الإله ، أليس هذا هو الشطط ، والخروج عن المألوف بعينه .. ؟!
ألن يحل غضب السماء لو فكرت بشرعية القائد الإله ..!?
فهذا الديكتاتور المعتوه  أراد من خلال هذا التدمير والقتل لآلاف الأبرياء من السوريين تسويق صورته وإظهارها ، وكأنها عقاب إلهي لأولئك الذين طالبوا بالحرية التي تتوق إليها النفس البشرية المستعبدة ، خصوصا منها التي عاشت سنوات طويلة في القهر والذل الممنهج ، فغدت متعطشة لحياة حرة كريمة من خلال نظام ديمقراطي حقيقي ، ربما لاحظته قد تحقّق في بلدان كثيرة ..

لقد أراد الديكتاتور المعتوه  ومن خلال منظومته الأمنية القمعية التي وضع قواعدها والده المدفون في مقابر التاريخ الأسود " حافظ الأسد " ، والتي تطورت خلال عشرات السنين ، بث شعور في الناس باستحالة التفلت من هذا النظام الإلهي التابع لآل الأسد ، وأن هؤلاء " المعاتيه التابعين لآل الأسد  "  قدر ، وبالتالي حصول أي عملية تغيير في الحكم أو في المعادلة السياسية هي عملية لا أهمية لها ولا معنى لها ، لطالما دأب على تسويق فكرة أنه لا يوجد نظام بديل أفضل منه في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة .. !

ضن " الديكتاتور المعتوه "  ورئيس النظام ، بأنه ونظامه يستطيعان أن يخلقا إحساساً في قلوب ملايين السوريين بأنّ عملية التغيير القادمة هي عملية عبثية ،  وأنها عبارة عن كلام فارغ ومضيعة للوقت ، وأن أي قادم جديد وبهذه الإمكانات المتوفرة في البلد لن يستطيع أن يحمل أكثر مما يحمله هو ..
لقد دأب النظام على تخويف الناس بأن عامل الاستقرار الذي نعمت به سوريا لسنوات طويلة هو صنيعة وفضل هذا النظام، وان هذا العامل " عامل الأمان " هو الأكثر أهمية من أي عوامل أخرى كالعامل الاقتصادي وخنق الحريات وتضيق القبضة الأمنية ، وهو الأكثر تعرضا للتهديد في ظل الظروف التي صاحبت البلدان التي شهدت وتشهد ربيعا عربيا..
 فسوّقت أبواقه الإعلامية الصدئة للناس فكرة أن " الأمان " أهم من رغيف الخبز، فكل شيء يستطيع الإنسان الاستغناء عنه إلا الأمان ، وأن ملاحقة النشطاء من المعارضين وسجنهم ونفيهم وتصفيتهم هي عبارة عن عمليات فردية ضد أشخاص يهددون أمن الدولة ، ويرتبطون بأجندات خارجية ، وليست نهجاً لنظامٍ أخذ على عاتقه مهمة تحرير الأرض المغتصبة ، وقيادة محور المقاومة والممانعة في وجه الأطماع الغربية والصهيونية..
فراح يُخيف الناس من " الفوضى " التي قد تتزامن مع أي عملية تغيير للنظام أو انتقال للسلطة ، لذا شهدت الشهور الأولى للحراك الثوري السلمي عمليات نهب وسرقة وخطف ممنهجة ، ونسب جميع هذه الحوادث للمطالبين بالتغيير وحمّلهم المسؤولية ، معتقدا أنه بهذا الشكل سيخيف الشعب وسيتمنى بقاء " القائد الإله " الذي شيّد للشعب هذا الوطن ، ورسّخ هذا الاستقرار ، وزرع الأمان والاطمئنان في ربوع سوريا ، ثم سّير آلاف من موظفي الدولة في مسيّرات يومية تمجد اسم " القائد الإله " وتفديه بالروح والدم ، وراح يتباهى بهذه المسيرات أمام وسائل الإعلام ويتذاكى على الشعب ، في الوقت الذي أصبح هذا النظام أضحوكة وألعوبة بيد الدول..
وعندما فشلت محاولات مجرمي النظام في إيقاف المظاهرات والاحتجاجات والمطالبة بالتغيير والإصلاح، لجئوا إلى الحل العسكري ، فأطلقت عصابات وشبيحة النظام  النار على المتظاهرين في محاولة يائسة لبث شعور الخوف في قلب من سيتجرأ على معاودة الخروج مرة أخرى ، في الوقت ذاته أطلق رئيس النظام " الديكتاتور المعتوه " عشرات القوانين في غضون أيام لكي يقطع حجة من يطالب بالإصلاح ، متذاكيا على شعب قمعه أربعين عاما.
عشرات السنوات لم تكن كافية ، ولم يجد فيها الوقت الكافي لكي يقدم قانوناً إصلاحياً واحداً ، ليأتي الآن في أيام معدودة ويطرح عشرات القوانين والمراسيم ، وإصدار عفو عام بين الحين والآخر عن المساجين والمعتقلين ، لا بل كتب دستوراً جديداً للبلاد ، وأنهاه في ساعات معدودة ، وطرحه على شبيحته للتصويت لتكون نسبة التصويت كالعادة لصالحه ، متخبطاً في الوقت ذاته بتغييره الحكومات ، والوزراء ومجلس الدمى المتحركة ، أو " مجلس الشغب السوري " الذي كانت مهمته على الدوام التصفيق لكل نكتة ساذجة يتفوه بها " الديكتاتور الإله " في خطاباته التي تعودنا فيها سماع قهقهته متعالياً مستخّفاً ، ليعقب كل قهقهة هتاف وفداء بالروح والدم من قبل مجلس العبيد ، ذلك المجلس بجبهته الوطنية التقدمية ، وقائمة ظلّه الذي كان على الدوام أضحوكة وسخرية الشعب ..   
عندما باءت جميع محاولات النظام بالفشل في احتواء المظاهرات التي كانت سلمية لشهور عديدة، لجأ إلى عسكرة الحراك ، معتقداً أنه سيسحق الثورة من خلال آلته العسكرية الضخمة في أيام معدودة ..
ولكي يعطي لنفسه المبرّر للحل العسكري صوّر من طالبه بالحرية والتغيير كإرهابيين سلفيين يحملون أفكار الكراهية وإقصاء الآخر، وأدواتهم للمطالبة بالحرية هي السلاح والتفجيرات والقتل، وكأن أربعين عاما حكم فيها  " الحزب القائد للدولة والمجتمع " حملت التعددية ومشاركة الآخر بالحياة السياسية ، وكأنه هو نفسه عرف الديمقراطية يوما ، وكأنه وصل للحكم بديمقراطية منتخبة ، وكأن شبيحته لم تقتل وتفجر وتعتدي وتغتصب وتعتقل وتقطع الرؤوس ..!
ثم بدأت كتائبه باقتحام الأحياء والقرى واعتقال الشباب من تجاوزت أعمارهم الخامسة عشرة ، وحرق منازل النشطاء والمنشقين ، معتقدا انه انتصر وأخضع الشعب ، ولكنه على العكس ، لم يكن يدري بعد أن حاجز الخوف قد كُسر ، وأن سنوات العبودية قد ولت دون رجعة ، وليبدأ الشعب بالدفاع عن نفسه ويحمل السلاح الذي أدخله النظام بنفسه عبر سنوات طويلة من فساد مدراء وعناصر الجمارك ومخابرات الحدود التي ارتشت واغتنت وبنت القصور والقلاع من خلال الأموال التي كانوا يقبضوها من تجار السلاح والمخدرات ، ناهيك عن أن قسماً كبيراً من رؤساء أجهزة فروع الجمارك والمخابرات هم تجار أسلحة ومخدرات ، وميناء اللاذقية وطرطوس المصدر الأكبر الذي يتم عبره إدخال الأسلحة والمخدرات ..
لقد بات خيار المقاومة المسلّحة كان الخيار الوحيد المتبقي لصد النظام المستبد في ظل عجز دولي واضح عن استصدار أي قانون ، لا بل تكونت قناعة لدى الشعب أن من يحمي النظام هي إسرائيل نفسها ، فهي لا تريد تغييره ولا تريد لأحد أن يزعزع أمن حدودها الشمالية ، وتم توزيع الأدوار في المجتمع الدولي فكل طرف يؤدي دوره تاركا الشعب السوري يُذبح ويُهجر ويُشرد ..
بينما في ليبيا تم استصدار القرار خلال الأيام الأولى للثورة الليبية التي لم يجد فيها ألقذافي الوقت ليعي ما يجري حوله ..!
لم يعترف النظام السوري في يوم من الأيام بوجود تنظيمات مسلحة تكفيرية ، وقد صرّح الديكتاتور على الدوام في خطاباته ولقاءاته الصحفية بأنها خدعة أمريكية غربية لتبرير الاحتلال والتدخل والسيطرة على مقدرات الشعوب ، ولكن عندما ثار الشعب في سوريا أصبح من يقود الثورة والحراك هم سلفيون وإخوان وتنظيمات تكفيرية ومتطرفة تحمل السلاح وتدعو للجهاد معتمدة أيديولوجية دينية ..!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :
حتى لو وجد متطرفون وتكفيريون ، أليس حزب البعث نفسه حزباً متطرفا متعصبا شوفيني يُقصي الآخر  ، لا أقصى كل عمل سياسي ونصّب نفسه الحزب القائد للدولة والمجتمع ..!؟
ألم يفرض حزب البعث ثقافته وأفكاره بالقوة ..!؟
ألم يقصي من اختلف معه عن الحياة السياسية وغيبه في ظلمات السجون وقتله ..!؟
ألا يحمل البعث إيديولوجية تدعو لحمل السلاح لاسترداد الحق ..!؟
ألم يتبنى البعث  " كأيديولوجية " العمل المسلح طريقا وخيارا وحيدا لنهجه ..!؟
فما الفرق إذاً بين حزب البعث وبين التنظيمات الجهادية التي يسوق لها النظام بأنها هي البديل وهي من تقود الثورة ويخيف بها الشعب الطامح للديمقراطية والعدالة والحرية والمساواة ..!
البعث حارب الشعب بلقمة عيشه ، فلا يمكن لأحد أن يوظف إن لم يكن بعثيا ، فلا يوجد مدير مؤسسة أو مستخدم غير بعثي ، ولكي يوظف المدرس أو المهندس أو الحقوقي أو الاقتصادي أو الممرض أو حتى حفار القبور  أو زبال الشوارع  فهو بحاجة لأن تكون بعثيا ولموافقة أمنية تُثبت ذلك ...
ويحدثك البعث طوال أربعين عاما عن محاربته للعنصرية والتطرف والنضال من أجل الحرية ونيل الحقوق وتقديس الحريات وحق الاجتماع والاعتقاد ..!
إذاً ماذا يختلف التطرف القومي الشوفيني الذي حمله البعث عن التطرف الديني أو العرقي أو أي تطرف آخر ..!؟
لقد أظهرت الثورة في سوريا للعالم الوجه الحقيقي لحزب البعث ، فهو الحزب الأكثر تطرفا وفاشيةً من أي حزب استلم زمام الأمور والحكم في البلدان التي حكمتها أعتى الديكتاتوريات في التاريخ .
لم يكتب التاريخ في يوم من الأيام فظاعة ما يمكن أن يرتكبه نظام حاكم بحق شعبه مثلما فعله في سوريا..!!
لقد صدّع رأسنا بالمقاومة والممانعة ، وبأنه حامل هموم الأمة العربية وأنه المقاوم الوحيد للامبريالية وأن كل ما يجري في العالم لأي مطالب بالحرية هي مؤامرات تحاك من قبل الغرب هدفها الوصول لسوريا الدور ، ومحاولة للنيل من صموده ومقاومته ، لكنه في الوقت ذاته جعل حياة السوري جحيما لا يطاق.
لقد كانت مجموعاته الإرهابية المسلحة " عناصر الفروع الأمنية المختلفة " لمدة أربعين عاما تتسلط على المواطنين وترهبهم ، يدخلون المطاعم والنوادي متسلطين على أصحابها ، يبتزون أصحاب المحال التجارية ، ولا يمكن أن تتخيل أنهم قد يعتقوا أحدا دون دفع المعلوم..
لعب علينا ..وصوّر نفسه  المدافع الوحيد عن القضية الفلسطينية ، فراح يعدد انتصاراته على العدو الإسرائيلي وأن إسرائيل هي العدو الوحيد الذي قتل الشعب العربي ، وارتكب المجازر المروعة بحق أبناءه ، في الوقت الذي باع فيه نظام " المقاومة والممانعة " الجولان متذاكيا على الشعب الذي أخضعه بوحشية وبطش.
والآن هو يدمر المدن ويمحو قرى بأكملها عن الوجود مرتكبا مجازر مروعة ، ربما إسرائيل نفسها لم تقتل وتهجّر من الشعب الفلسطيني خلال أكثر من ستين عاما على وجودها ما قتله وهجّره من الشعب السوري خلال هذه الثورة ، وليكون رغيف الخبز واسطوانة الغاز لمن بقي تحت القصف أقصى ما يمكن للسوري أن يتمناه ويحلم به.
كل ذلك بحجة وجود مجموعات إرهابية متطرفة ..!!
نعم .. لقد أصبح جميع أفراد الشعب الآن " جبهة النصرة "  بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ الذين ذبحهم شبيحته بالسكاكين والسواطير . 
لم تكن الثورة في سوريا مسلحة والجيش لم يكن معنيا بما يجري ، فالأمور في البداية كانت بسيطة والمطالب سلمية ، وأغلب المظاهرات كانت عبارة عن أغاني ودبكات ونكات ، ولم يكن لأكثر المتشائمين من التغيير أن يتوقع كل هذا الإجرام والقتل والتهجير والنزوح والاعتقال ، فأن يصل الجنون بهذا النظام لاستخدام الدبابات والمدفعية والطيران ، والآن صورايخ إستراتيجية لقصف المدن والقرى بهذه الوحشية ، ومن رئيس شاب طبيب درس في لندن توقعه الجميع أن يكون ذكيا وأن يلعب دورا ايجابيا في تمهيده لطريقة نقل السلطة ، ويكون وطنيا بما يكفي حتى يتلافى البلد ليس فقط الكارثة التي حلت به الآن ، بل كان بالإمكان تلافي أخطاء البلدان التي شهدت ربيعا عربيا ، لكنه خيب ظن كل سوري ، وانهارت الدولة قبل انهيار النظام ، وانهيار الدولة أخطر من انهيار النظام ، وتم تدمير البنية التحتية للبلد ، لقد حرق الورش والمصانع والأراضي والمواسم ، ليتم التهجير والنزوح من أغلب المحافظات السورية ، ويصيب الفقر المدقع جميع أفراد الشعب.
 بعد أن كان الشعب السوري يقدم مساعدات لدول الجوار ويقدم لهم الدواء والماء والكهرباء والوقود والغذاء ، فقد أصبح السوري العزيز النفس ، والأبي يستعطف العالم لإعطائه رغيف خبز يسد به رمق أطفاله ، بين ليلة وضحاها ، وبغباء هذا النظام الوحشي البربري حول الشعب السوري من مستقبل للاجئين من دول الجوار إلى مشردٍ نازحٍ يعيش تحت الخيام في ظروف مناخية تقتل أشرس الكائنات الحية .
أخيرا قد تشهد سوريا في الأيام المقبلة وحتى الأشهر المقبلة المزيد من سوء الأوضاع الإنسانية والمزيد من المجازر ، ولكن في النهاية سينتصر الشعب السوري ، وسيسجل التاريخ أعظم انتصار يمكن لشعب أن يحققه عبر التاريخ ..
شعبٌ ناضل في سبيل الحرية ، شعب وقف عاريا في وجه آلة الموت والقتل وتحدى البرد والجوع والمرض .
نعم انتصر الشعب السوري لذاته من ظلم الظروف ولعبة المصالح ومن " ديكتاتور معتوه "   ، وانتصر لأجيال المستقبل ، وانتصر لأرواح آلاف الشهداء الذين قدموا أنفسهم قرابين على مذبح الحرية  في سبيل سوريا حرة واحدة أبية ..

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...