الأحد، نوفمبر 04، 2012

الافتراء


الافتراء

سمة السلطة الحاكمة




لم تنفي السلطة الحاكمة " المفترية " التي أسسها سيد الافتراء الراحل الى مزابل التاريخ " حافظ الأسد " ، ما حصل في مدينة حماة عام اثنان وثمانون وتسعمائة وألف ما ارتكبته من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ، لكنها بررت ما فعلته بتبريرات وقحة وفيها الكثير من العهر ، ربما فاق بمرات ومرات وقاحة وعهر العاهرات في مواخير المتعة الرخيصة ..

وهي لم تُكذّب لتثبت العكس ، أو تفند ما حصل بشيء من الحنكة للملمة الوضع ، إنما تعمدت أن " تفتري علينا افتراء ما بعده افتراء  " واختلقت ما لم يكن موجود ، وكذّبت فيه وعليه ، ساعد على إنجاح افترائها ، ذلك الدور المشبوه الذي أُنيط بمؤسسها ، حيث ادعت وهروبا من التبعات حينها ، بأن مؤامرة كبيرة قام بتنفيذها تنظيم الإخوان المسلمين على الوطن وشعبه ، وهي بالقطع ليست كذلك ، إنما بالأساس كانت " ثورة شعبية " مطلبيه شاملة ، وكان من الطبيعي أن يظهر غلبة النسيج الأكبر من المكون الاجتماعي السوري عليها ، لأنه هو المستهدف ، وهو بطبيعة الحال المكون الإسلامي السني ، حيث لم تتمكن السلطة من إخمادها بسهولة ، إلا بتلك المجازر التي تُعتبر الأبشع في التاريخ العربي كله ، والتي كانت مجزرة حماة العلامة الفارقة في مسيرة تلك الثورة ..!

لعل هذا هو السبب الذي دفع اليوم " الوريث المعتوه ابن المفتري " لإتباع نفس الأسلوب الذي انتهجته سلطة أبيه المفترية في حماة ، لعل وعسى أن يتمكن من إخماد الثورة ، كما تحقق لسلفه ، ويحطم معها حاضنتها الشعبية الممتدة على كل الأرض السورية ، لكن هيهات .. هيهات ..

قلت  في البداية أنها " افترت " وهي فعلاً افترت لا بل وفجرت في افترائها ، ليس على سوريا وشعبها فقط ، إنما على الإقليم كله ، لأنها سلطة غير شرعية ، وشرعيتها في الداخل السوري مفقودة رغم السنوات الطويلة التي استمرت بها ، لذلك اعتمدت الافتراء تحقيقاً لأجندات إقليمية غير عربية ، لكسب شيء من الشرعية الخارجية بدل الداخلية ..

وهي سلطة " ربما وصفها بالمفترية قليلة جدا بحقها  " بدليل أننا لو رجعنا قليلاً للماضي القريب ، وتحديداً بُعيد انقلاب سيد الافتراء " حافظ الأسد " التشريني في سبعين القرن الماضي ، ووعوده الكبيرة والكثيرة ، لوفود المهنئين له بنجاحه بما سُمي بـ " الحركة التصحيحية " ، أن كل شيء سيكون في صالح الشعب السوري ، ولن يكون فرق بين مكوناته وستسير الأمور الى الافضل ، وأن الشعب السوري سيبقى شعب واحد ، وما إلى ذلك من هذا الكلام الجميل والمعسول ..

وأشعرهم بشيء من الصدق والجدية فيما ما وعدهم به ، وللخداع فقد ظهر شيء من الصدق أقلها في السنتين أو الثلاث الأولى من حكمة ، أو هذا ما أشعرنا به ..

لكن الأكيد والذي أنا متيقن منه ، هو أنه لم يدر بخاطر أحد من بين تلك الوفود المهنئة ، أن " المفتري " كان يعني نفسه بالمساواة ، وليس الشعب السوري ، وانه يعني بذلك أن لا ينظر الشعب لمنبته القذر ، وتبعيته لأقلية طائفية لا يحق له ولا لأحد منها تولي الرئاسة ..!

على اعتبار أن " المفتري " المذكور جاء من " أقلية " الأقلية ، واستولى على الحكم بحركة انقلابية عسكرية غير مألوفة ، تمكن على أثرها من اغتصاب السلطة بقوة السلاح ، وكأنه أراد أن يقول " أنني وان كنت من مستوى تافه ومنحط ، وأنتم تعلون ذلك ، وأنا أعلم انكم تعلمون ، وتعرفون أنني أيضاً من بيئة اجتماعية أتفه وأكثر انحطاطاً " ، والعرف السائد في البلد لا يسمح لي بتولي الرئاسة  ، وحكم سوريا ، حتى لو تمكنت من التسلق على حساب طائفتي التي اسمها " الطائفة العلوية " ، وعلى غير رغبتها ، الا انني سأكون أكثر " أمانة " من غيري ، ثقوا بي وستجدونني أكثر " إخلاصا " لكم من البقية الباقية من الشعب السوري ، " فلا ترتابوا مني " ها أنا ذا أمامكم أفلا تروني .. جربوني ...!؟

ولأن الشعب السوري بطبيعته كريم وشهم وأبي ، ولا ينظر لمكوناته بأي نوع من التحقير أو التمييز أو التفريق ، ولا تعنيه الفوارق ،  فلم يعر انتباه لمثل هذا الأمر الذي يخفي وراءه شيء من الشعور الاقلوي الغير مبرر ، ليبقي ما كان يعتقد به " حافظ الأسد " هاجسا مرضياً له في حياته حتى موته ...!

لربما نُسي الأمر ، وما فُتحت صفحة من صفحات هذا الماضي الأسود ، وسارت مسيرة التطوير والبناء كما وعد به ، واستمر هو كما هو ، لو أنه سعى بإخلاص لبناء سوريا الدولة معنا ، سوريا المؤسسات ، وكما نريدها ، لا المزرعة التي أرادها ، لو فعل ذلك .. لدخل التاريخ من أوسع أبواب المجد فيه ، ولم يحصل أو يسجل التاريخ أي شيء يكدر ماضينا ، ويبقي حقبة " الأسد وآل الأسد "  نقطة سوداء في تاريخ سوريا الحديث ..!

إن احتقاره للشعب السوري الذي اولاه الثقة ووثق به ، وغدره الذي فاق غدر الغادرين ، واستقطابه الوصوليين والانتهازيين ، ليكّون حوله منهم سلطة المافيات والنفايات وزبالة الحاويات ، التي خربت ونهبت ودمرت البلد ، الامر الذي استوجب وضرورة القيام بتلك الثورة شعبية على سلطته واللمم فيها ، التي كادت أن تنجح لولا الظرف الإقليمي والدولي الذي لعب ضد عموم الشعب السوري ، وليأتي بعدها مفتريا ومتهما كل الشعب السوري بالتآمر ، مطبقاً مقولة " ضربني وبكى وسبقني واشتكى "  كما يفعل ابنه اليوم ، واعتبار أن كل ما جري ما هو إلا مؤامرة خارجية ، كي يتنصل من المسئولية ، وادعائه أن لا علاقة ما حصل بأي من مطالبات الشعب الكثيرة ، وعلى رأسها ما وعدهم هو بها من المساواة وتكافؤ الفرص ، وسيادة القانون ..الخ  .. !!

باختصار ان ما حصل في نهاية سبعينات القرن الماضي هو ثورة ، وثورة حقيقة .. جاءت بعدها تراكمات كبيرة من الأخطاء والخطايا بحق سوريا وشعبها ، لذلك انفجار الثورة كان لا بد وأن يحصل كنتيجة طبيعية للمسلك ألافترائي لسلطة المفتري الأكبر  " حافظ الأسد " ..!

ولأن السلطة الحاكمة قامت على ثقافة مؤسسها الافترائية فلم تعبأ يوماً بأولويات الشعب ، ولا همومه ، ولا احتياجاته ، الأمر الذي تنبه له ابنه الوريث المعتوه " بشار الأسد " ، فسار على خطى أبيه ، تملصا من المسئولية  التي ترتبت على معالجته الخاطئة ، إذ لازال يصف لغاية اليوم ما يجري في سوريا بالمؤامرة ، رغم حجم القتل والتدمير والتهجير الذي نتج عن مقاومته لهذه " المؤامرة " ، وبنفس الطريقة والأسلوب تقريباً ، وان اختلفت الظروف بعض الشيء..

ابن " سيد الافتراء " هذا ، ووريث هذه السلطة ، اجتهد أكثر فسار فيما يبدو على " مقولة العبرة بمن سبق وليس العبرة بمن صدق "  ، ونسي .. والأرجح انه تناسى ، أنه مجرد ذكر " المؤامرة " يعني اتهام ومعابة لشعب عظيم ، وهو نفس الشعب الذي طالما تغنى بصموده وتصديه للإمبريالية ، والاستعمار والمشاريع الخارجية التي تحاك ليس ضد سوريا فقط ، إنما للوطن العربي بأكمله ، وما الذي عدا أو بدا اليوم حتى يُتهم بالتآمر ..لا ندري ..

وكأن المعتوه " بشار الأسد "، يفترض أن هذا الشعب من " الخفة وقلة العقل " ما يجعله يطير مع أي " نفخة تآمريه " ، ومن السذاجة ما قد تدفع مكوناته للسير خلف أية " مشاريع خارجية مشبوه " تجلب الضرر للبلد وعموم القضايا العربية ، ولعله أيضاً حَسِبَ أن رؤيته لحقيقة ما يجري هي الأكثر عمقاً وصوابيه من رؤية الشعب السوري لها ، مغيبا عن ذهنه بأن الشعب السوري يدرك تمام الإدراك " انه وأبوه من قبله والسلطة القائمة " ما هم ودورهم جميعا ، إلا كـ " ورقة حمام قذرة كانت تستخدم من قبل القحبة الروسية والعاهرة الايرانية ، وأنهم على وشك أن ترمى ، في مزبلة التاريخ الأسود ، بعد أن مسحت قاذوراتهما القرفة الناتجة عن علاقة لوطية شاذة مع عناوين الانحراف والشذوذ المتمثل في الحكم الروسي والإيراني ".!!
 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...