الأربعاء، يناير 30، 2013

متلازمة ستوكهولم

" متلازمة ستوكهولم "
السورية
يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي جان بول سارتر
" أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم "


ويقال أيضا " إن الضحية دائماً تحب جلادها "  لدرجة أنه حتى إذا انتهى جلادها ولم يعد له وجود ، فإنها تبحث عن جلاد جديد ..!!
 
أو كما يقال في المثل الشعبي المعروف  " القط لا يحب إلا خنّاقه " ، وهذا كما يبدو لي هو حال جميع ضعفاء النفوس أينما وحيثما وجدوا ..!
 
اسقاط مثل تلك المقولات وما تعنيه على واقعنا السوري ، استنفرني ودفعني لكتابة هذا المقال ، وحوّلت المقولة إلى سؤال :
هل  " الضحية دائماً تحب جلادها "  ..!؟ 
 هذا سؤال مهم ..
لكن الأهم في الحقيقة هو أن لا يكون السؤال بهذه الصيغة ، هل " الضحية " تحب جلادها ..!؟

بل أن الأهم منه هو السؤال التالي :

هل يمكن أن يقع الجلاد في حب ضحيته لو تجاوبت معه  ..!؟

وهل يمكن له أن يثق فيها أو أن يركن لها ..!؟
بشكل قاطع الإجابة .. لا ..!!

 هنا ندخل إلى ما تسمى " متلازمة ستوكهولم " لفهم جانب من مشاعر بعض السوريين تجاه الثورة ، وهي أي " متلازمة ستوكهولم "مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي عادة ما تصيب الفرد " الضحية " عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو جلاده أو من أساء إليه بشكل من الأشكال ، وفيها يُظهر الفرد " الضحية " علامات الولاء لجلاده ، كما في حالة أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف ..

فالضحية حينما تكون تحت ضغط كبير ، فإنها تبدأ وبشكل لا إرادي بصنع آلية للدفاع عن وجودها ، وذلك من خلال سلوك يوحي بطمأنة الجاني وإقناعه بالجدية في هذا المسعى ، خاصة إذا أبدى الجاني حركة ما تنم عن شيء من الحنان أو الاهتمام ، حتى لو بدت صغيرة أو صغيرة جداً ..

فالضحية على المستوى النفسي تقوم بتضخيمها لتبدو كالشيء الكبير جداً. وفي بعض الأحيان تشعر الضحية بخطورة إنقاذ ذاتها من خلال التمرد أو الثورة على واقعها ، وتذهب بالتركيز على احتمالية أن تتأذى إذا ما حاول أحد مساعدتها أو إنقاذها ، لذا نجدها تتعلق بالجاني لتحفظ ذاتها ..  


ربما تظهر مثل هذه الحالة كذلك في حالات العنف أو الاستغلال الداخلي ، وهي حالات العنف أو الاستغلال العاطفي ، أو الجسدي أو الجنسي  التي تحدث في داخل العائلة الواحدة ، خاصةً عندما يكون الضحايا أطفال ، فنلاحظ أن الأطفال يتعلقون بالجناة أو المعتدين بحكم قرابتهم منهم ، وفي الكثير من الأحيان نجدهم لا يريدون وربما لا يرغبون  أن يشيروا بأصابع الاتهام إليهم .


في كل الأحوال لا يمكن للضحية أن تنسى الجلاد ، لكن الجلاد قد يكون أحمقا ولو في حالات نادرة و يعتقد أنها نسيت .. 

أما على الصعيد المجتمعي ، فيمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة الاستبدادية القمعية ، فعندما لا تملك السلطة الحاكمة شرعيتها من أغلبية الشعب ، وتصبح وسيلة الحكم الأساسية لهذه السلطة هي القمع ، تتضخم هذه الوسيلة لتصبح ضاغطة على إفراد المجتمع ، ولمدة طويلة ، فيطور خلالها الأفراد علاقة الخوف المستمر من بطشها ..
الا ان الجلاد او السلطة تدرك هذه الحالة مع الوقت ، وتتقن لعبة ابتزاز المجتمع ، فيعتاد الشعب على القمع والذل لدرجه تجعله يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل ، ويظهر من طبقات المجتمع المختلفة الكثير ممن يدافع عن " الفاعل أو الجلاد  أو السلطة " وعن قمعها وربما يعتبره ضرورة ويتناسى كل شيء سيء عنها بالمقابل يذكّر بمحاسنها القليلة ويبرزها بشكل لافت في بعض الأحيان ، هذا إن وجدت محاسن بالأصل ، دون الالتفات إلى مظاهر ولا حتى نتائج ذلك القمع والفساد ...
ويبقى السؤال قائما وفق " متلازمة ستوكهولم " هل يمكن أن يقع الجلاد في حب ضحيته لو تجاوبت معه  ..!؟
الواضح عندنا في سورية أن الجلاد مختلف ونادر والضحية كذلك ..!

لذلك أرى انه بعد مرحلة " آل الأسد " القمعية والأسوأ ربما في التاريخ البشري ، وبعد تشخيص سليم لصمت الصامتين في المجتمع السوري أمام المجازر والإبادات الجماعية والتدمير الممنهج ، نستطيع القول أن أكبر من " متلازمة ستوكهولم " ..وفي مراحل متقدمة منها وغير مالوفة وغير مكتشفة لغاية اليوم هي من تتحكم بسلوكيات كثير من شرائح المجتمع السوري اليوم ، بالتالي نحن أمام حالة أسوأ منها للأسف أصابت قسم كبير من السوريين ، نتمنى أن يكتشفها لنا علماء النفس ...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...