الاثنين، سبتمبر 17، 2012

لو أنهم آزرونا أو صمتوا وعذرونا

لو أنهم آزرونا
أو
صمتوا وعذرونا





قبل أيام .. وجدتني أقلب بمحطات التلفزيون كعادتي من خلال جهاز التحكم عن بعد " الرموت كنترول " وأتنقل من محطة إلى محطة ، وأثناء تقليبي استوقفتني مقابلة في تلفزيون " المنار " التابع لحزب الله  اللبناني ، والحديث بها عن الوضع السوري ، وكان  الإعلامي المعروف " عماد مرمل " ، هو من يطرح الأسئلة على الوزير السابق ومهرج الإعلام الموهوب " وئام وهاب..!!
في المقابلة تلك قال المهرج " وئام وهاب " بالحرف الواحد وبلهجته الاستفزازية " فش سوريا بدون هيدا النظام " ، والذي فهمته أن سوريا بشعبها وتاريخها والحضارات التي مرت على أرضها كلها غير موجودة ، ولا قيمة لها بنظره بدون " نظام أولاد الأسد الحاكم " ، وبالتالي أن سقوط هذا النظام اللذين يتزعماه ، يعني سقوط كل شيء واندثار ما تسمى سوريا ، ولا ادري أهو تهديد للأكثرية الثائرة من خلال عمليات تطهير طائفي لديه علم بها ، أم انه يتكلم من منطلق تخيير الأكثرية بين أن تكون سوريا موحدة تحت " حكم أولاد الأسد " أو أن يتم تقسيمها إلى دويلات طائفية ومذهبية تبقي " أقواها " مرتعاً للنفوذ الإيراني التخريبي والتدميري في المنطقة ..!?
حاول المذيع بابتسامته المريحة وأسلوبه الذكي والمهضوم " عماد مرمل " أن يستوضح منه أكثر إلا انه لم يدع له مجال للكلام وتابع " نحن بنقبلش نظام اصولي في سوريا وإذا بدو يصير أنا بدي سلح - الجبل والسويداء - وقاتل معهن " يقصد دروز سوريا طبعا ..!!
وهو تفوه بمثل هذا الكلام نيابة عن طائفة بكاملها ، ولا أدري كيف أجاز لنفسه ذلك ، ونصّب من نفسه على ما يبدو متحدثا أو ربما ناطق رسمي باسم " طائفة الموحدين الدروز "  ، التي بحسب علمي أنها تحتقره وتحتقر كل من يقف وراءه ، ولا علم لي في الحقيقة كم هي نسبة التأييد التي يتمتع به عندنا في " جبل العرب " ، حتى يُصدر منه مثل هذا الكلام وبمثل هذه الثقة ..

أما النظام الأصولي الذي قصده والمتخوف منه ، فهو بلا شك يعني ثقافة الطائفة الأكبر من المسلمين السنة أو أحدا من مكوناتها ، وهو على خلاف رغبة الأكثرية ، حتى لو جاءت بهم صناديق الاقتراع من خلال انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية ، فهو أعلنها بكل صراحة ووضوح بأنه يرفض أن يحكم سوريا من ينتمي للمسلمين السنة ..!!
بكل أمانة أقول لكم ..  أنه لم يستوقفني فقط شخص المهرج " وئام وهاب " ولا استعراضه الاستعلائي التهريجي ، ولا حتى فحوى الكلام الصادر عنه بذاته ، إنما لكون ما قاله بات على ما يبدو نمط تفكير موجود ، لا يمكن إنكاره ، ولا نستطيع إنكار وجوده ، تم الشغل عليه منذ استولى " حافظ الأسد " على السلطة في سوريا ، وأصبح خاصية مكتسبة تخص شواذ ومنحرفي الأقليات أو بعضها في المنطقة ، بدليل ما قاله " الاقلوي " الاخر بامتياز ، ومهووس التيار الوطني الحر " ميشيل عون " المتحالف مع " حزب الله " الأبشع في أقلويته ، من أن " تغيير نظام الرئيس السوري بشار الأسد قد يقضي  على لبنان وعلى المسيحيين فيه  ".

ثم تابع قائلا خلال حفل عشاء أول جمعة من شهر سبتمبر بحسب ما نقله موقع التيار الوطني الحر الذي يتزعمه أن  "
تغيير النظام في سوريا قد يقضي علينا وعلى لبنان لان الأنظمة التي ستأتي تفكيرها يرجع إلى القرن الرابع عشر " .

لربما هذا التفكير الاقلوي الاستعلائي الواضح من تعاطي الشخصين مع القضية السورية بات ينسحب على الكثير من أقليات المنطقة مع شديد الأسف بلا مبرر ، وهو نمط خطير جدا ارتيابي لأنه بكل وضوح يستعديني بشكل تلقائي " أنا التابع قدراً وليس اختياراً " للأكثرية ، والذي " وأقسم على ذلك " بأنني ما سبق وفكرت في يوم من الأيام بفارق يفرق بيني وبين أي شخص يتبع " أقلية " فلماذا هو لا يقابلني بنفس الشعور ....!؟

هذا الذي لم له اجابة نجد لغاية الان ..!

فـ " وئام وهاب " بلا مقدمات استثارني وأشعرني بأنني مستهدف ، و" ميشيل عون " وضعني في مرمى اهتماماته الاقصائية ، وأنا الثائر على الظلم  في سوريا وليس على مذهب أو طائفة ، كيف لي أن أفكر في ظلم الآخرين ، ثم لماذا ..!؟

أنا لم اثر على طائفة أو دين أو قومية أو عرق أبدا أنا ما ثرت إلا حينما لم يبق لي شيء أخاف عليه ، إلا كرامتي ..!!

هنا أجد نفسي تتوه في رحلة عبثية بين نوازعها ورغباتها ، لتتالى فيما بين شياطينها أسئلة كبيرة وصعبة ، ما كنت بكل صدق وأمانة ، ارغب حتى بالتطرق لها ، في ما مضى لعل أولها هو :

إذا كانوا مثل هؤلاء ، الاقلويين متخوفين ومتوجسين ، ويسعون لحماية أنفسهم مني من خلال تحالفات فيما بينهم ، أو ما يسمى تحالف الأقليات ، فالأولى بي وأنا صاحب القوة بالأكثرية ، أن أحمي نفسي بأكثريتي قبلهم ، وأن أتذكر أن " قانون القوة " الذي يسعى إليه مثل هؤلاء " الاقلويين " موجود عندي ، فلماذا أفرط به أو لماذا لا استخدمه معهم قبل أن يتمكنوا مني  ..!!؟

 خصوصا إذا ما انكشفت الأمور ، وبات كل شيء يجري في المنطقة بالمذهبية والطائفية  ، وربما بات أوضح من الشمس في وضح النهار ، وبتنا نحن المقصودين  والمعنيين  والمستهدفين  هنا ، ولا خيار آخر لدينا ، والعداوة في نفوس هؤلاء تجاهنا موجودة ومعتمرة ، وتؤجج كل يوم وكل ساعة قبل تولينا الحكم ..!؟


لذلك أقول ..


هذا النمط من التفكير لا يؤدي إلى شيء محمود ،  والاستمرار به ليس في صالح أحد ، وهذه من الامور البديهية ، والحقيقة أنني لا استطيع الجزم ، ولا ادري بالأصل إن كان المهرج " وئام وهاب " فيما قاله يندرج تحت كما سبق وقلت " نمط تفكير " فقط ، وليس شيئا اخر غائب عنا ، خصوصا إذا ما أضفنا معه مهووس التيار الحر " ميشيل عون " ...!؟

فأنا بصراحة شديدة على المستوى الشخصي مع ما تقدم ، أتحسس بين ثنايا الكلمات والجمل التي جاءت على لسان المذكورين " شكل ما من أشكال الاستخفاف النتن " ، استخفاف بكل المكونات الاجتماعية السورية ، وعلى رأسها طبعا الأكثرية من المسلمين السنة ، ومع ذلك نقول من باب خلق الاعذار ، إن كان ما قاله الأول تهريجا شخصيا لـ " وئام وهاب " في استعراض تلفزيوني تمثيلي مقابل " أجر مادي محرز " فلا ضير في ذلك ، فالرجل مهرج " غلبان " ويحتاج إلى " تموين " بعدما انقطع عنه أو كاد التمويل المنتظم من سلطة " أولاد الأسد " ..

والضرر طاولنا .. من هؤلاء ، لكن نتمنى أن يكون أقل مما نتوقع ، ولا نتمنى أن يصبح أكبر إن وجد من يؤيد مثل هذا النمط التفكيري الشاذ في " أكثرية الأقلية " أو ما يسمى حلف الأقليات ، وإلا فالكارثة التي لا نحب أن نراها في المنطقة تبدو قادمة ..!!

إن " الاقلوي " الشاعر بأقليته ، والمدافع عن مثل هذا النمط والمتبني هكذا تصورات ، وهكذا هذيانات ، قد يبرر  لنفسه أحياناً ذلك بتبريرات سخيفة ، قد لا يكون لها أساس من الصحة على ارض الواقع ، كما هو الحال مع جنرال الرابية " ميشيل عون " ، الذي يربط خوفه من الأكثرية لو حكمت في سوريا بتلك الشعارات التي يحملها بعض الثوار ، وينشدونها في مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع الانترنت ، أو التي تُكتب على الجدران ، والتي بطبيعة الحال إن صحت مصادرها ، فهي لا تنبع من كره للأقليات على الإطلاق ، بل من ضغط كبير ، وهي في المحصلة ليست إلا  " ردات فعل بسيطة على أفعال إجرامية ممنهجة وكبيرة  " ، وكذلك تعبير صادق عن شعور حارق بالألم والمعاناة ، وهي منضوحة مما تحمله ذاكرتهم وما يعتمر به وجدانهم وما هو مرتبط بثقافتهم ، وإلا ما المطلوب أن تكون الشعارات المرضية لهم والغير مخيفة ، والتي لا تستفز البقية الباقية من أقليات المجتمع ويؤيدوننا بها ..!؟

بالتالي ليست الهواجس ولا الخيالات المريضة ، ولا الشعارات المتداولة بين أناس يواجهون الموت مبررا للرعب والخوف من " الاكثرية " ومن ثم تقوقع البعض منهم وراء أقليته ، سواء كانت دينية ، أو طائفية أو مذهبية ، أو عرقية ، أو حتى قومية .. !!

بتقديري مالا يفهمانه " وئام وهاب وميشيل عون " أو ما لا يريدان  أن يفهمانه هي الطبيعة السيكولوجية السوية السليمة للفرد في المجتمع المتعدد ، والتي لا تسمح لصاحبها الانفراد والشذوذ بمسلك قد يؤدي في النهاية إلى الانعزال ، عن المجتمع الأكبر وهو الوطن ، خصوصا إذا ما كان هذا الفرد منتميا لأقلية ، ما ، قد يعقبها أضرار لا يتمناها أحد نتيجة سلوك متهوريها ..


أخيرا نقول ..


نحن .. الأكثرية السورية ، نؤكد لكل من برأسه عقل ويريد أن يفهم ، ثورتنا في سوريا شعبية مطلبيه نزيهة ضد الظلم والظُلمة ، تسعى إلى إقامة دولة حرة ديمقراطية الكل فيها وعلى أرضها متساوون بالحقوق والواجبات ، كما يجب أن تبقى عليه سورية دائماً ، شركاء في هذا الوطن ، متحابين متوائمين نعتز بوطنيتنا وهويتنا السورية ..!
لم ولن نكن يوما من الأيام طلّاب تصعيد أو تحدٍّ لأي طائفة ، ولم ولن نسمح لأنفسنا بذلك ، ليس لضعف فينا ، بل لأننا أصحاب أخلاق وقيم تردع نزواتنا ونوازعنا إن فكرنا في التصعيد  ..

فنحن ما ثُرنا إلا لأننا أصحاب كرامة ، وكرامتنا انتهكت وتنتهك كل يوم ، ولم يكن أمامنا ، إزاء الظلم الذي مارسته بحقنا " عائلة الأسد الحاكمة والنظام الناظم لا ستمرارها  " إلا الثورة عليها ، والثورة كانت ستقوم على الظلم والظالمين من أي طائفة أو دين أو مذهب كانوا .. !!

لم نستطع الصبر والسكوت أكثر على الظلم ، ولم نقدر على التعايش مع هذه السلطة تحت القمع الدائم والقتل المستمر ، ولم تسمح لنا عزتنا وكرامتنا أن نكتفي بسياسة " النعامة "، فهذا وان قبلنا به على استحالته ، فلن يوقف قمعهم ولا قتلهم لنا بل سيزيده ، لأنها " أي السلطة الحاكمة " لا تضم فيها إلا المجرمين والقتلة ..

ومهما حصل سنبقى نحن .. كما نحن ، وكما يجب أن نكون على " العهد الأخوي والمواطنة المتساوية باقون " ولن نترك بلدنا سورية لغيرنا ، فنحن أصحابها ، وسنتسلّح للدفاع عن أنفسنا ولو بالعصي ومن أي مصدر كان ، إن دعت الظروف لذلك ،  لإعادة توازن الخوف والرعب الذي كان مفقوداً فيما بيننا وبين السلطة ، إن طال بها الزمن  .


ولن نرضخ لهيمنة " أقلية عائلية منبوذة " بالأصل من الطائفة التي تنتمي لها ، ولن نقبل بمجرميها إلى الأبد سادة ونحن العبيد ، تبيعنا في بازار المصالح الدولية ، والمحاور المشبوهة ، بعدما استولت على كل شيء في البلد ، فهذا المستحيل بعينه ..!!

كنا نتمنى أن يفهم " الجميع " ، أننا انتفضنا سلميّاً في البداية ، وهذا ما اخترناه ، فكم سنكون سعداء لو أنهم فهمونا وآزرونا أو صمتوا عنا وعذرونا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...