الأحد، مارس 02، 2014

سقوط الجولان قبل 48 ساعة من إحتلالها


إعلان سقوط الجولان قبل 48 ساعة من إحتلالها :

 
رواية " دريد مفتي " الوزير المفوض في مدريد
جاء إلى "سعد جمعة " رئيس وزراء الاردن " " من  23 ابريل 1967 الى 7 أكتوبر 1967  " بمكتبه في لندن وعرفه على نفسه قائلا قرأت كتابك المؤامرة ومعركة المصير عن جريمة تسليم مرتفعات الجولان المنيعة دون قتال والتي اقترفها (جديدأسد -  ماخوس ) ، وأحب أن أزيدك بياناً فقال :
يوم كنت وزيراً مفوضاً لسورية في مدريد استدعاني وزير خارجية إسبانيا لمقابلته صباح 28-7-1967 م وأعلمني ووجهه يطفح سروراً أن مساعيه الطيبة أثمرت لدى أصدقائه الأمريكان بناء على تكليف السيد " ماخوس " البعثي النصيري ، ثم سلمني مذكرة تتضمن ما يلي :
تهدي وزارة الخارجية الإسبانية تحياتها إلى السفارة السورية عبر وسيطها ، وتعلمها أنها نقلت رغبة الخارجية السورية إلى الجهات الأمريكية المختصة بأنها ترغب بالمحافظة على الحالة الناجمة عن حرب حزيران 1967 أي بقاء الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي- وأنه ينقل رأي الأمريكان بأن ذلك ممكن إذا حافظت سورية على هدوء المنطقة وسمحت لسكان الجولان بالهجرة من موطنهم والاستيطان في بقية أجزاء الوطن السوري وتعهدت بعدم القيام بنشاطات تخريبية من جهتها تعكر الوضع الراهن ( عن مجتمع الكراهية لسعد جمعة صفحة 130 )

نعم لقد رضيت القيادة البعثية أن تسلم الجولان الحصين المتحكم في الأراضي المحتلة وتهجير أهله لعدة أسباب :

1 - لا قيمة لجزء من الأرض لقاء حفاظهم على كرسي الحكم .
2 - لأن الجيش معظمه من الطائفة وهم حريصون على أرواحهم أن تزهق في الحرب .
3 - أن معظم الضباط السنيين المؤهلين فنيًا قد سرحوا لأنهم ليسوا من الطائفة لذا كان لابد
من الاستجابة لطلب إسرائيل فسلمها الجولان لقاء البقاء على الكرسي ...
 
قال لي إبراهيم ماخوس وزير الخارجية ليس مهمًا أن يحتل العدو دمشق أو حتى حمص وحلب فهذه أرض يمكن تعويضها وإعادتها أما إذا قضي على حزب البعث فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية ...
 
إعلان " سقوط الجولان قبل
48 ساعة من إخلائها  " وفق الاتفاق الاسدي الإسرائيلي :
في يوم السبت العاشر من حزيران سنة 1967 أعلن وزير الدفاع السوري حافظ أسد الساعة 9.30 البلاغ العسكري رقم 66 وهذا نصه :
إن القوات الإسرائيلية استولت على القنيطرة بعد قتال عنيف دار منذ الصباح الباكر في منطقة القنيطرة ضمن ظروف غير متكافئة وكان طيران العدو يغطي سماء المعركة بإمكانات لا تملكها غير دولة كبرى ...
وقد قذف العدو في المعركة بأعداد كبيرة من الدبابات واستولى على مدينة القنيطرة على الرغم من صمود جنودنا البواسل ، إن الجيش لا يزال يخوض معركة قاسية للدفاع عن كل شبر من أرض الوطن ، كما أن وحدات لم تشترك في القتال بعد ستأخذ مراكزها في المعركة ...
 
وفي اليوم نفسه – أي السبت
10 حزيران - الساعة 12.05 ظهراً أصدر وزير الدفاع الأسد البلاغ التالي : ( إن قتالاً عنيفاً لا يزال يدور داخل مدينة القنيطرة وعلى مشارفها، وأن القوات السورية مازالت حتى الآن تقاتل داخل المدينة وعلى مشارفها جنباً إلى جنب مع قوات الجيش الشعبي بكل ضراوة وصمود بحيث لم يتمكن العدو من السيطرة الكاملة على مدينة القنيطرة ..) ( وهذا يناقض البلاغ السابق القائل بالسقوط )
ذلك لكي يخدع الناس بأن المقاومة لازالت مستمرة وأنه لم يسلمها بموجب اتفاق. علمًا أن كل ما أذيع من قتال في البلاغات لا أساس له من الصحة لأنها سلمت دون إطلاق رصاصة واحدة وأن كل من خالف قرار الانسحاب وقاوم حوكم على مخالفته الأوامر.
وفي يوم الأحد 11 حزيران 1967 أصدر " وزير الدفاع السوري حافظ أسد " بلاغًا جاء فيه خلال المعارك القاسية التي جرت بين قواتنا الباسلة وقوات الاستعمار الثلاثي حاول العدو اختراق خطوط دفاعنا اكثر من مرة بكل ما يملك من أسلحة وطيران متفوق وكانت قواتنا تصد تلك الهجمات المتكررة وتقصف مواقع العدو منزلة به الدمار مما يؤكد بشكل قاطع أن دول العدوان الثلاثي تساهم في المعركة وليس إسرائيل فقط وهم الآن يتمركزون في خط الدفاع الثاني ..
مهم لفهم الحاضر ، أن نرجع الى الماضي نقرأ تاريخ ما كتب تحضيرا لهذه المرحلة من تاريخ العرب عموما وسورية على وجة ..
يقول الدكتور سامي الجندي أحد قادة البعث في كتابه كسرة خبز صفحة 17 :
( فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون مندوب سورية في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة وأن قوات إسرائيل وصلت إلى مشارف دمشق والمندوب الإسرائيلي يؤكد أن شيئًا من ذلك لم يحصل واعترف أمامي الدكتور ماخوس وزير الخارجية أنذاك أن قضية سقوط القنيطرة كانت خطة مدبرة لكي يكسب تأييد الأمم المتحدة ) ..!!
يقول الدكتور " عبد الرحمن الأكتع " وزير الصحة السوري آنذاك ..
( كنت في جولة تفقدية في الجبهة وفي مدينة القنيطرة بالذات عند إذاعة بيان سقوط القنيطرة وظننت أن خطأً قد حدث فاتصلت بوزير الدفاع حافظ أسد وأخبرته أن القنيطرة لم تسقط ولم يقترب منها جندي واحد من العدو وأنا أتحدث من القنيطرة ودهشت حقًا حين راح " حافظ أسد " يشتمني شتائم مقذعة ويهددني إن تحدثت بمثلها وتدخلت فيما لا يعنيني. فاعتذرت منه وعلمت أنها مؤامرة وعدت إلى دمشق في اليوم (  الثاني وقدمت استقالتي ) ...
دور حافظ أسد في ضياع الجولان .. ( شهادات شركاء الحرب ) ...
إذا كانت حرب فلسطين عام 1948 قد خلفت شرخا في نفوس السوريين لأنها أشعرتهم بأنهم لم يستطيعوا القيام بواجب الدفاع عن فلسطين على الوجه الأكمل مع ما بذلته القوات النظامية والقوات الشعبية أثناء الحرب، رغم نقص الأسلحة ، وبعضها كان فاسدا، ثم دخول مجلس الأمن على خط الحرب بفرضه الهدنة بعد أن كادت كفة الحرب تميل لصالح العرب ، كل ذلك كان له دور في ما وصلت إليه الأمور. أما في حرب حزيران 1967 ، فكان المفترض أن يكون الجيش السوري قد أخذ أهبته بعد 20 سنة من الإعداد. إلا أن الأمور قد انعكست بعد أن استلم حزب البعث السلطة في آذار 1963 ، حيث أصبح ه.م الحزب هو التمسك بالحكم ولا شيء غير الحكم. وإذا كانت هناك قيادات وطنية في الحزب، إلا أنه قد تم تطويقها وعزلت عن مراكز صنع القرار لصالح جنرالات لم يكن لهم من هم إلا الحكم مهما كان الثمن. في المقال التالي نتابع ما ورد في مقالنا السابق عن دور حافظ أسد في سقوط القنيطرة، مع التنويه أننا إنما ننقل شهادات  رجال عاصروا هزيمة حزيران. وسيكون دورنا هو استخراج تلك الشهادات من مواطنها في بطون الكتب، مع تعقيبات لا بد منها.  

في الفقرة التالية نذكر شهادات من شاركوا في الحرب من الأردن ومصر.
رواية الملك "حسين ":
قبل الحرب بأيام عقدت سورية مع مصر معاهدة دفاع مشترك. وقد حذت الأردن حذوها. وبموجب هذه المعاهدة أصبح الفريق المصري " عبد المنعم رياض " قائداً للجبهة الأردنية السورية والفريق محمد فوزي رئيساً لأركان القيادة الموحدة.
وانطلاقًا من هذه المهمة طلب عبد المنعم رياض من سوريا إمداد الأردن ببعض الألوية لأن سورية تستطيع حماية جبهتها بثلث قواتها. يقول الملك حسين:
( في تلك الليلة في 4 حزيران استخدمنا خطوط المواصلات العسكرية في طلب الإمدادات من السوريين، ولكنهم لزموا الصمت. ومنذ الساعة التاسعة -صباح يوم 5 حزيران 1967 ، بعد تدمير الطائرات الإسرائيلية لمدرجات المطارات في مصر- اتصلت قيادة العمليات بالسوريين فكان جوابهم أنهم بوغتوا بالأحداث. قمنا بطلبات متكررة لالتحاق طائرات الجيش السوري بطائرات الأردن فطلبوا إمهالهم ساعة فساعة. في الساعة الحادية عشرة أقلعت الطائرات العراقية من قواعدها لتنضم إلى سلاحنا الجوي وتساهم بالمهمة المشتركة ويمكنني أن أوضح أن تأخر الطيران السوري في التدخل فوت علينا فرصة ذهبية كان يمكن أن ننتهزها لقلب الموقف لصالح العرب ولاستطعنا اعتراض القاذفات المعادية وهي في طريق عودتها إلى قواعدها بعد قصف القواعد المصرية وقد فرغت خزاناتها من الوقود وفقدت ذخيرتها، وكان بإمكاننا مفاجأتها حتى وهي جاثمة في مطاراتها تملأ خزاناتها استعدادًا لشن هجمات جديدة فلولا تأخر الطيران السوري لتبدلت نتائج المعركة وخط سيرها ) .. (شهادة الملك حسين معتبرة. لأنه كان مشاركا أساسيا في الحرب، وهو أيضا طيار ماهر، كثيرا ما كان يقود طيارته بنفسه ).
في الإنترنت يقول " صائب بارودي " وهو بعثي قومي عن حرب عام 1967 :( دخلت سوريا المعركة ووصلت قواتها " صفد " و" الحولة "، وتمركزت قوات منها بقيادة الضابط " نورس طه " تحت المرتفعات المطلة على بحيرة " طبرية " حتى مساء اليوم السابع و"عبد الناصر" يتصل بـ " عبد الكريم الجندي " ويقول له :
أنا لا أثق بالآخرين يعني " الأسد " و " جديد " بوقف إطلاق النار اللعبة كبيرة وخطيرة ومصر غير قادرة على التحرك و" صلاح جديد " يرفض ، واتصل الجنرال الروسي بوزير الدفاع "حافظ أسد " و" جديد " وقال :
( إذا كنتم مصرين على الحرب فلابد أن تضعوا خطة، وأنتم حتى الساعة لم تفعلوا شيئاً.. ووضعت خطة بمعرفة السوفييت وفي صباح اليوم التاسع موعد التحرك حسب خطة السوفييت أمر وزير الدفاع " حافظ أسد " ترك الأسلحة والتراجع الكيفي من الجبهة وترك ترسانة حربية كبيرة لليهود مع عشرات القرى في جبل الشيخ )...

رواية  " صحيفة النهار " اللبنانية :
لم تبدأ سوريا الحرب الا صباح 8-حزيران 1967 رغم أن سورية هي سبب الحرب وهي الداعية إليها، واقتصرت الهجمات السورية على مستعمرات ( دان- تل دان شارشوف ).
ولم تخرج القوات الإسرائيلية للرد عليها بسبب انشغالها بالقتال على باقي الجبهات وقالت الصحيفة:
لم يدخل الإسرائيليين المعارك الفعلية ضد سورية إلا يوم الخميس 8 حزيران حيث تفرغوا لجبهتها وأضافت الصحيفة أن الإسرائيليون شنوا هجومًا شاملا على المواقع السورية وبدل أن تقصف المدافع السورية القوات الإسرائيلية المهاجمة تابعت ضرب المستعمرات المذكورة ).

ولو أن وزير دفاع سورية " حافظ أسد " أمر القوات السورية بالهجوم فور علمه بالهجوم صباح يوم
5 حزيران، لربما تغير شكل الحرب، أو على الأقل لم تكن الهزيمة بكل تلك الفاجعة.
الصورة الأخرى المشرقة لجريمة سقوط القنيطرة:
معظم الذين تأخروا في تنفيذ أمر الانسحاب، ولم يدمروا الأسلحة، أحيلوا إلى محاكم ميدانية بدل منحهم مكافآت وشهادات تقدير:منهم آمر تل عزيزيات الذي استغرب صدور هذا الأمر ...
فما كان منه إلا أن ثبت أمام الطيران الإسرائيلي، ثم بعد توقف الطيران صعدت إلى التل دبابات إسرائيلية فحاول تفجير الألغام كهربائياً فوجد الكهرباء مفصولة فضرب أول دبابة وآخر دبابة ثم دمر الباقي ، وحرك قواته دون أن يفجرها فوصل القنيطرة مركز قيادة الجيش في الصباح فلم يجد أحداً من القيادة ، لقد هربوا جميعًا بأمر انسحاب رسمي ولم يجد يهوديًا واحدًا في القنيطرة...
ولما وصل دمشق استدعي وحوكم ميدانيًا فكسرت رتبته وسرح جزاء إخلاصه ومقاومته وعدم تدمير الأسلحة والدبابات التي لديه...
الملازم الاحتياط " محمود الحامد " بن عالم مدينة " حماة " الشيخ " محمد الحامد " وكان يؤدي الخدمة الإلزامية، وقف في ساحة المعركة مع حفنة من جنوده، وهو يرى ضباط النظام يفرون من المعركة، ونادى بأعلى صوته: أيها الناس .. إلي .. إلي، إلى أين تفرون ومن يدافع عن أرضكم وعرضكم إذا تركتم ساحة المعركة..!؟
ولكن لا حياة لمن تنادي...
كيف تصرف قادة الجبهة البعثيون العقائديون..!؟
قائد الجيش.. ( اللواء ) " احمد سويداني ".. انهزم عن طريق ( نوى ) إلى دمشق تاركاً وحدات الجبهة ووحدات احتياط الجيش -دون قيادة- واقعة في حيرة من أمرها، وقادتها لا يدرون ماذا يفعلون. وقائد الجبهة.. العقيد ( أ. ح ) " احمد المير " .. غادر الجبهة فارًا على ظهر حمار لأنه لم يجرؤ على الفرار بواسطة آلية عسكرية، فالطيران المعادي كان يقضي على كل آلية يراها تتحرك مهما صغر شأنها.. ولكن الحمار عجز عن متابعة رحلة الهروب فتخلى عنه " احمد المير " وأكمل الرحلة الى دمشق على قدميه فلم يصلها إلا وقد تورمت قدماه وخارت قواه، وألقى بنفسه بين يدي أول صاحب مروءة لينقذه من حاله التي هو عليها.. وكان في حالة من الزراية يثير الضحك حقاً...
ألفت الانتباه إلى قضية هامة غفل عنها الكثيرون، حتى من البعثيين أنفسهم. فعند انقلاب ، 8 آذار عام 1963 كان حافظ أسد مسرحا من الجيش برتبة رائد ، وأعيد إلى الجيش بنفس الرتبة ، وفي عام 1965 حصل اجتماع لقيادات عسكرية بعثية تم فيها ترقية حافظ أسد إلى رتبة المقدم فالعقيد فالعميد فاللواء دفعة واحدة في نفس الاجتماع، وأسند إليه قيادة القوات الجوية. هذا التخطي في الترقية يثير الانتباه في أمرين:
فهو أولا يجعل المرؤوس رئيسا، وفي هذا ما فيه من كسر لتسلسل الرتب وما يخلفه ذلك من حقد وكراهية في نفوس من تخطاهم الترقية .وهو ثانيا يؤكد الإشاعة التي سرت سريان النار في الهشيم عن دور لواشنطن في هذه الترقية، وأن على " أسد " أن يدفع الثمن، وكان ضياع الجولان هو الثمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...