السبت، يوليو 02، 2011

رسالة من مواطن سوري إلى " ضمير " الدكتور البوطي

 


رسالة من مواطن سوري إلى

" ضمير "

الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

بعد التحية والسلام عليكم .. ورحمة الله وبركاته ..
أود أن ابعث لك يا " ضمير دكتورنا الغائب " .. بهذه الرسالة المحملة بكلمات دافعها الألم والحسرة والمعاناة من مواطن سوري عادي ، يعتريه شك كبير ، بأن تأخذ هذه الكلمات المهمومة الاهتمام المطلوب والكافي من صاحبكم الجليل و" العالم بدينه " في ظل الظروف الحالية .

وما هذه الرسالة في حقيقة الأمر إلا محاولة صادقة ، وبحسب إمكانياتي المتواضعة لإفاقتك وتنبيهك لخطورة ما يجري ، لعل صاحبك بإفاقتك الغير متوقعة يرى ويعي أن هذا البلد بات على حافة الهاوية إن لم يكن قد سقط فعلا في الهاوي التي دفعته إليها السلطة دفعا مع غياب كامل للحكمة والتحكم عند القائمين عليها .

ولكني وأنا أبن هذا البلد المنكوب بسلطته الرعناء والفاقدة للأهلية ، وبقدر ما استطيع ، ومن باب الواجب الديني الملزم لضميري ، استنادا لما يدعونا إليه ربنا عز وجل ، وتفرضه علينا القيم الإنسانية والأخلاقية أولا ، فاني أتمنى عليكم إذا ما قدر لك واستفقت .. " وخز صاحبكم "لعله يستفيق من نومه الذي طال ، ودفعه بقوة ، وحتى تأنيب إن أمكن ، أن يقف موقف المجاهد في سبيل الله بكلمة حق صادقة أمام نزيف الدم الذي يسيل في عموم سوريا ..

وليتذكر وهو العالم المرموق .. أن قتل الإنسان فعل إجرام ، وحرام .. حرام ، وفوق هذا فإن حرمة قتل السوري بيد أخيه السوري التابع للسلطة الحاكمة التي يفترض أن تكون الحامية له ، حرام مابعده حرام ،ومهما كانت أسبابه ومبرراته ..

أنا افترض أن صاحبك " العالم بدينه " يعرف حقيقة الله أكثر مني ومن غيري ،فعلمه واطلاعه كبير .. وكبير ، ولكن .. ما فائدة " علم لا ينفع ودعاء لا يسمع "أعوذ بالله من الاثنين معاً ، كما انه يعرف يقينا وإيمانا أن الله سائلنا جميعاً يوما لا محالة قادم ، فيما فعلناه ونفعل وما سنفعله ، وعلى أفعالنا ومواقفنا  سوف نؤجر أو نؤثم ..

هو بدون أدنى شك ليس بالنكرة من الناس ، ولا من عوام السوريين ، فهو عالم ابن عالم ، هكذا عرفنا .. وهكذا نعلم عنه .. كما انه من بيت علم لا يستهان به ، وهو أشهر من نار على علم في سوريا والعالم الإسلامي ، بشخصه وعلمه ، ونعلم عنه أيضا أن له باع طويلا في تأصيل وتأطير المنهج الوسطي والمتسامح والعصري في الدين الإسلامي ، وكثير من علماء الدين يطلق عليه  " فيلسوف الشام " بلا منازع ، وفوق هذا وذاك ، فان له أيضا شأن عظيم ، وكلمة مسموعة لدى السلطة ..

أفلا يرى أنها اعتدت علينا من حيث تعلم أو لا تعلم ..!!؟

هنا مربط الفرس ..!

فالسلطة الحاكمة والمتحكمة لم تعتدي فقط بل أجرمت .. وطغت .. وتجبرت على شعبنا الأعزل ، وصمت أذانها عندا واستعلاء وكبر عن حقيقة المطالب ، وأسكتت حتى السياسة والسياسيين ، وغيبت العقل والعقلاء ، ومنعتهم من التوضيح ، وجعلت القتل والتنكيل الطريقة الوحيدة للتعامل مع شعبنا الذي  أراد العيش بحرية وكرامة .

ثم كذبت وافترت على العالم اجمع بالتمثيليات المفضوحة من " مندسين ، وسلفيين ، وعصابات خارجية " وما إلى ذلك .

إن الحقيقة يعرفها صاحبك الجليل ، يا " ضمير دكتورنا الغائب " ، ولكنه يحرف عنها ولا ندري اهو الخوف والجبن ، أم القناعة بصحة مسلك السلطة ، فإذا كان الخوف والجبن ما يدفعانه لهذا الصمت المريب فهي مصيبة ، خصوصا حينما طاله ما طاله من نفس السلطة ، عندما افترت عليه واقتطعت بعض من كلامه خدمة لأغراضها الدنيئة ، أما إذا كان الاحتمال الثاني فالمصيبة أعظم ..





فهل يريد صاحبك الجليل أن يصدق رواية الكذب والدجل من أن أحد من الخارج السوري له دور فيما يحصل ..!؟

أنها ثورة شعب مظلوم يا " ضمير دكتورنا الغائب "وثق بأنها حقيقة من انصع الحقائق في هذا الزمن ، على عكس ما تصوره السلطة ، فلسنا بالسذج المنقادين كما قد يعتقد صاحبك الجليل الذي لربما يعطي على ما يبدو بعض من آراءه بين أربعة جدران ، وبأوامر قهرية تأتيه عبر سماعة الهاتف الموصول بالسلطة ، ..!

وإلا لماذا لم يكلف نفسه القليل من العناء والتعرف على حقيقة ما يجري ميدانيا ، وتلمس ما هية الدوافع التي تدفع بالشباب المتعلم والواعي والمثقف للخروج إلى الشارع مناديا ومطالبا بالحرية والكرامة..!؟

لربما لا يدري صاحبك " العالم بدينه " أننا في حوران على سبيل المثال ، عشائر وقبائل أصيلة ، نقية ومتماسكة ، يعرف بعضنا البعض حق المعرفة ، ولنا صلات قربي ومصاهرة تربطنا في ما بيننا ، ولا يستطيع أن يدخل بيننا غريب " مندس " ، ولو أن فرضية المندسين هذه من فرضيات أجهزة الأمن والمخابرات الضعيفة ، ومسرحية مختلة الأركان ..

في النهاية كم كنت أتمنى ، ولا زلت .. ومن كل قلبي .. على صاحبك الفضيلة الذي نسيكم ، وترككم تغطون في نوم عميق ، أن يتقي الله ..

وليتذكر قول المتنبي " الرأي قبل شجاعة الشجعان.. "بعد أن بلغ من العمر مبلغ ، ولم يبقى الكثير بينه وبين القبر ،وهو يعلم ، واعلم من غيره بكل تأكيد ، انه سوف يلاقي رب العالمين ، وسوف يُُسأل عن كل موقف وقفه ، وكل كلمة قالها ، إن كانت مع الظالم أو إنصافا للمظلوم ..

وليعلم أن التعبيرات اللغوية القوية والكبيرة والمترابطة والمملوءة بالعاطفة في خطبة لن تنجيه ، وان اللعب على المفردات التي لا معنى لها اليوم أمام ما نراه من هدر لدماء الشباب ، والتقتيل اليومي المتعمد للأنفس البشرية البريئة بلا ذنب .

فهو صاحب المكانة التي يجب أن تقف مع الحق في أي مكان أو زمان ومهما كانت الظروف ..

وليتق الله فيما يقول ، ولا يحرف أو ينحرف ، وليكن شجاعا ويقول كلمة حق أمام سلطان السلطة الجائر ، أو ليعتكف صامتاً .. له الله .. فالصمت قد يكون أجلُّ وأكرم لمن في سنه .. والسلام عليكم ورحم الله وبركاته ..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...