الخميس، يونيو 21، 2012



((  آية الله علي خامنئي يُعيد توزيع أوراق اللعب  ))

تنقسم الدولة الإيرانية الآن إلى ضلعين رئيسيين، وهما الضلع السياسي المقدس، ويمثله الولي الفقيه، والضلع العسكري، والمتجسد في الحرس الثوري ، المشكلة الحقيقية التي يعاني منها النظام في هذه المرحلة ، هي تفاقم الدور السياسي للمؤسسة العسكرية، خاصة في المرحلة الثانية من حكم الرئيس ( محمود أحمدي نجاد ) ، فقد أصبح العسكر هم القوة الضاربة التي خرجت سلطتها من يد السلطة السياسية بشكل ملحوظ، رغم الانقسامات التي قد تظهر على السطح بين المؤسسة العسكرية ونجاد، مثل غضب المؤسسة العسكرية من تصريحات نجاد التي مست الخميني فيما يتعلق بصلاحيات البرلمان، إلا أنها في رأي الكثيرين لا تتعدى محاولة من الحرس للتعجيل من الصدام بين المؤسستين العسكرية والسياسية، فقيادات الحرس أصبحت ذات تواجد سياسي واقتصادي ملحوظ، فمعظم المشروعات الاقتصادية داخل إيران وخارجها بيدهم بشكل كامل، بل أن المشروعية المقدسة أصبح لديهم القدرة على استجلابها من ( المهدي المنتظر )  مباشرة، بعيداً عن مباركة المرشد أو الولي الفقيه.
مما أثار مخاوف ( خامنئي ) أو السلطة السياسية، فقرر أن يعيد توزيع أوراق اللعب من جديد، بين العسكر والمؤسسة السياسية والضلع الذي ظن أنه متوحداً معه منذ البداية وهم رجال الدين في الحوزة الدينية.

ولأن ( آية الله علي خامنئي )  ما زال يمثل اللاعب الوحيد ـ تبعاً لشرعية الدستور ـ ، أو مالك الأوراق فله عدد النقاط الأكبر، قرر أن يقوم بثلاث زيارات متتالية إلى قم المدينة المقدسة في الدولة الحديثة، رغم أن زيارته لها تكاد تكون معدومة خلال سنوات ولايته الفقهية.وهناك قرر زيارة كل التيارات الدينية من اعتدال إلى اليمين المتشدد، خاصة (جامعه روحانيات مبارز ) و ( جامعه مدرسين حوزة علميه قم )، ليحصل على أكبر تأييد ممكن في هذه المرحلة، مما أستتبع ذلك تصريحات ( آية الله جنتي ) و( مصباح يزدي )، محاولة دعمهما لزيارة خامنئي للساحات الدينية التي كانت منسية إما بسبب الاختلافات الفكرية، أو بمحاولات المؤسسة العسكرية لعزل رجال الحوزة خاصة من منهم خارج منظومة العمل السياسي المباشر، خاصة بعد الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2009.حتى يوزع خامنئي بعضاً من أوراق اللعب على الساحة الدينية، ليُعيد التوازن السياسي ثانية الذي اهتز كلية بسبب سلطة ( محمود أحمدي نجاد ) وشعبيته القوية في صفوف الحرس الثوري بشكل مثل تهديداً على مؤسسة المرشد ذاتها.
فيكون من البديهي أن يحاول آيات الله بعد ذلك التذكير بالقداسة المطلقة للحاكم ، حفاظاً على نفوذ طبقته ، ونفوذهم من بعده.

وعلى جانب أخر، لم يحاول ( آية الله علي خامنئي ) التدخل بشكل مباشر في الخلافات التي نشبت بين البرلمان برئاسة ( لاريجاني ) ، وبين مؤسسة الرئاسة في أزمة الموازنات الأخيرة ، ومحاولات البرلمان التقليص من النفوذ الاقتصادي لـ ( نجاد ) بعزل رئيس الجمهورية من اللجنة العليا للبنك المركزي، وبحيث يكون تابعاً مباشراً للبرلمان ليضمن نزاهته وشفافيته ، خاصة في ظل حالة التضخم ، وارتفاع أسعار السلع الأساسية ، مما ينذر بغضب شعبي استتبعه سيطرة أمنية جديدة على الشارع الإيراني، أي سيطرة المؤسسة العسكرية بشقيها الحرس الثوري، والباسيج (التعبئة).

فالولي الفقيه قد استغل كل ما يمكن من قداسته وشرعيته المكتسبة من الدستور ومن الوعي الاجتماعي، في محاولة أخيرة للحفاظ على بقايا ظله على الأرض الإيرانية ، فقد أصبح الحرس المقدس ورجال الدين على وشك صدام قد يودي بعرشه الإلهي من علياءه، رغم ما يبدوا على الخطابات السياسية الخارجية من توحد إلا أن الداخل يشي بما لا يحمد عقباه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...