السبت، يونيو 09، 2012

( مجزرة القبير .. دلالاتها )



( مجزرة القبير )
دلالاتها


اختصرت السلطة الحاكمة في سوريا عدد الذين قتلوا في " مجزرة القبير "  بريف حماة وخصمت ما تريد ليصبح العدد بقدرة قادر إلى " تسعة " أشخاص فقط لا غير ، وادعت فوق ذلك أنهم ضحايا لمجموعات إرهابية شغلها الشاغل الإجرام والقتل والتخريب في سوريا بلا تمييز من أقصاها إلى أقصاها ، وأن نشرها والتركيز عليها في الأعلام هدفه اتهام " قوات حفظ النظام " التابع للسلطة بأنه هو من قام بها ، لدفع مجلس الأمن الدولي للتدخل وإصدار قرار يجيز استخدام القوة ، وذلك من خلال تدخل عسكري دولي ضد سوريا  ..!

وهذا على ما يبدو ما كانت تريده السلطة الحاكمة أن نفهمه من ما تبين من " مجزرة القبير "  ..!

 

ان السلطة الحاكمة لا ترى أن ما حصل بالأصل يمكن أن ينطبق عليه تسمية " مجزرة " ، إنما المسألة بكل بساطة هي "جريمة اعتياديه " قامت بها مجموعة إرهابية مسلحة ، ومجهولة الهوية ومنفلتة ، لكنها بالمقابل مدعومة من أطراف خارجية تهدف فقط إلى اتهام السلطة وتوريطها بها ..!

نعم ..السلطة تقّزم ما حدث ولا تعتبره الا جريمة يمكن أن تحصل في اي مكان وأي زمان ، بينما العالم كله اجمع على تسميتها " مجزرة " مذبحة .. بعدما عرف وربما تأكد بالأدلة القاطعة ، وبالشكل الذي لا يرقى له شك ، لا بل أنه يعرف أن " السلطة الحاكمة وأجهزتها الأمنية وفلول الجيش التابع والموالي لها " هي من ارتكبت " مجزرة القبير " ، بدعم ومساندة وربما تنفيذ " الشبيحة " من اولئك الذين ينتمي أبشعهم وأكثرهم إجراماً مع شديد الأسف لأبناء الطائفة العلوية المغّرر بها..!

والعالم متيقن بأنها ما كانت لتتم إلا بتوجيه وتسهيل من رأس السلطة ، بقصد واضح تماما وهو ترويع الشعب السوري ، ودفعه من خلال ممارسة مثل هذا القتل والترهيب إلى التراجع عن الثورة والمطالب التي ثار لأجلها ، ونسيانه دماء شهداءه الذين سقطوا في سبيلها ..!

ان معظم شعوب العالم فوق معرفتها اليقينية بمرتكبيها ، وكيفية ارتكابها ، أصبحت تدرك أن " مجزرة القبير " لا ولم تخرج عن دائرة انتقام العائلة الحاكمة " عائلة الأسد  " ، ولو بواسطة المغرر بهم من أبناء الطائفة المعبأين والمشحونين بالحقد الطائفي على شعب ثار على الظلم الكبير الذي وقع عليه ، ولم ينظر لطائفة الظالم ..!

وهو انتقام ممن اسقط هيبة من لم يخطر بباله أن هيبته ستسقط يوما ما بالتظاهر السلمي ، ومن شعب صبر أكثر مما يجب ، للدرجة التي لم يتصور أحد أنه سيستفيق من سباته الذي طال ، وسيثور يوما ما .. ويبدأ ثورته بتظاهر سلمي مدني في كل الارض السورية  ، ويكسر بهذا التظاهر كل المقدسات والمحظورات وينبش بهتافاته واللافتات التي حملها ماضي السلطة الاسود ، وحاضرها السيء ، وما سيكون عليه مستقبلها المجهول ،  ويكشف القناع الخادع عن بشاعتها من خلال التوثيق بالصوت والصورة ..!

" مجزرة القبير "  أو مذبحة القبير .. نقطة سوداء في التاريخ الانساني وليس السوري فقط ، وهي مجزرة مكتملة الاركان ، نعم هي مجزرة وليست جريمة قتل اعتياديه ، ارتكبها أو قد يرتكبها مجرمون عاديون ، يتواجدون في أي بلد .. أنها مجزرة ارتكبتها " سلطة أقلية " امتهنت الإجرام طوال فترة حكمها لسوريا ، والكل بات يعي تماما هذه الامور بعدما انكشفت كثير من الخفايا ، ولو بقي من خبراء الإجرام والقتل في السلطة من يراها " جريمة  " وليست مجزرة ..!

لكن السؤال .. لماذا تم تقليص العدد إلى ما يساوي عُشر العدد الحقيقي ، بدل " الثمانية وسبعين " وهو العدد الفعلي لضحايا هذه المجزرة البشعة ، والرقم الموثق داخليا وخارجيا وبالاسم  : .. ألهذه الدرجة وصلت قيمة الإنسان السوري في دولة " آل الأسد " من التدني والرخص ، ثم لماذا تخفي الأرقام التي يعرفها الجميع ، ما الذي ترغب بقولة السلطة من وراء تقليص العدد يا ترى ..!؟

سأفهم ان عدد الضحايا لا يعني السلطة مهما كَبُر ، وانها على استعداد لان تخفي مقارنة بما تم إسقاطه من العدد الفعلي ، مئات الالاف بلا وازع لاستعادة سلطتها التي اهتزت وها هي توشك على السقوط ، وأن تثبت من جهة اخرى براءتها مما يجري في البلد ..!

" تسعة "  لـ" الثمانية والسبعين " يعني أن السلطة وعن عمد ، وبقصد التشكيك بالحقائق تجاهلت أو أهملت أو اخفت سبعين شخصا مدنيا بريئاً قتلوا ظلما وعدوانا ، وكل واحد منهم ليس مستقلاً بذاته أو مقطوعا لا أهل له ، انما يرتبط بعشرات آخرين يعيشون اليوم أسوأ حالاتهم النفسية على فقدانهم ، وهم بشر من لحم ودم وليسوا أرقام فقط يتم تداولها ..!

وهذا يجعلني أتساءل .. هل كانت السلطة بصفتهما الحاكمة لسورية ، أو بمعنى اخر أوضح المحتلة لسوريا ، أنه لا مانع عندها من قتل الملايين من السوريين إذا ما أسقطنا نسبة المستقطع من العدد على عدد سكان سوريا ..!؟

ربما الأرقام لا تعني شيئا لسلطة " آل الأسد " أو كأنني اشعر أن الأمر كذلك ، خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار العدد الذي أخفوه من عدد الضحايا الفعلي ، وتوقفنا قليلا عند لامبالاتهم بأهل هؤلاء الضحايا ، وأقربائهم وأصحابهم ، ثم أخذنا ما يوازيه من عدد السكان في سوريا بحساب النسبة والتناسب ، حينئذ سنصل إلى نتيجة كارثية تقول أن فاقدي الأهلية في سلطة " آل الأسد " الحاكمة سيقودون العالم وليس سوريا فقط إلى الجحيم ، ولديها الاستعداد الكامل لارتكاب ابادات جماعية قد تفوق تلك الإبادات التي حصلت  في رواندا بين " الهوتو والتوتسي " كثمن للقضاء على هذه الثورة ..

أمام هذا اللامعقول وهذا الجنون .. أيمكن أن يتصور احد منا أن يكون للعقلاء مكان بين أفرادها ، أو أن يبدي عاقل إن وجد ، برأي راجح أو رشيد أمام من يمسكون بالقرار في هذه السلطة المجرمة والمحتلة لسوريا .. !؟

أنا أشك ..!

لا بل ربما استبعد تماما وجود كائن بشري كبقية بني البشر في هرم سلطة " آل الأسد " ، خصوصا إذا ما أخذنا على محمل الجد  ما قاله البعض منهم سابقا ، كقول الأمين القطري المساعد ، ورئيس المكتب المالي للحزب البعث السوري " محمد سعيد بخيتان " في بداية الثورة من أن ( النظام مستعد للتضحية بثلث الشعب السوري في سبيل البقاء في السلطة ) ..!!

وكما نُقل أيضا عن مقربين من المعتوه " ماهر الأسد " أخو الرئيس قوله وبمنتهى الوقاحة والصلافة والاستعلاء  :

( إن الله لم ينتخبنا لقيادة هذا البلد، والشعب السوري – أيضا – لم يختارنا قادة له عبر صناديق الانتخابات ، إن والدي استولى على السلطة والحكم بالقوة ، ولا أحد يستطيع أن يسلبنا الحكم حتى ولو كان الخالق ذاته ، ولن نتردد في حرق كل مدينة سورية تقف ضدنا ) ..

اذا كان هذا المنقول صحيحا .. أيعقل أن يعيش مجانين وليس عقلاء بين هؤلاء ..!؟

الله أعلم ..  !! .. كم من مجزرة في ظل هذا الجنون سترتكب وستمر أمام أعين العالم بدون أي ردة فعل ، ويطويها النسيان من مثل مذبحة أو " مجزرة القبير " ، قبل أن نتحرر من " حكم آل الأسد " .. ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...