الخميس، يونيو 21، 2012

الحاكمية وولاية الإمام



الحاكمية وولاية
(  الإمام  )


رغم أن أصل التشيع ذا أصول عربية ، إلا أن التطور المذهبي خاصة بشقه السياسي جاء  ( إيرانياً فارسيا ) بامتياز، فمع غيبة الإمام الثاني عشر الغيبة الكبرى المزعومة ، ظهرت فكرة النائب عن الإمام كضرورة ملحة لبقاء المذهب أو تواجده على الأقل كمنافس ديني للمذهب السني الحاكم والأكثر شيوعاً ، وتفرع التشيع وتمذهب في عدة أشكال اعتماداً على فكرة النيابة عن المهدي ، واتخذ التشيع الإثنا عشري في بدايته الشكل الطبيعي والأكثر انضباطاً ، وهو أن نائب الإمام ليس إلا مرشد للأمة لحين عودة الإمام ، ليس له وصاية مباشرة على الدولة ، بل أن ( التقية ) كانت الحاكمة لعلاقة الشيعة بالدولة السياسية ...


ولكن مع مضي الزمان، حصل انسحاب سياسي قوي للشيعة هدد وجودهم بشكل عام، بحيث أصبح الوجود الشيعي أو مشروعية وجوده على شفا الزوال، نتيجة لثبات الفكر الشيعي على المستوى الحركي أمام المتطلبات السياسية المتغيرة من انهيار لخلافة أو قيام دويلات مستقلة.

فكانت فكرة الولي الفقيه، هي أولى المراحل التي حولت التشيع من الثبات الاستاتيكي إلى ديناميكية الفعل السياسي .

مر ( الولي الفقيه ) كفكرة بتطورات تبدوا بطيئة للوهلة الأولى، ولكنها قفزت قفزتها التاريخية على يد ( آية الله الخميني ) الذي ، الذي حررها من طابعها الجدلي في الحوزات الدينية، إلى مرحلة الفعل السياسي المباشر كنظرية سياسية اكتملت فيها مواصفات الحاكمية الدينية.
فكانت ( الثورة الإيرانية ) هي الوعاء الاجتماعي الذي استغله ( الخميني ) لينفذ فكرته الجديدة، فتحولت الثورة من الإيرانية إلى الإسلامية في عام واحد من هبوط الخميني بطائرته في مطار طهران  ...

فالولي الفقيه هو نائب الإمام المنتظر ، أو " صاحب الزمان " ، الممنوح القداسة المتناهية من قبل الله ذاته، فهو الذي يحكم باسمه وبديلاً عنه إلى يوم عودته ..

ورغم الخلافات التاريخية التي تمت بين ( آية الله حسين علي منتظري )  ـ المتوفى في عاشوراء العام الماضي ـ كممثل للوسطية وبين ( الخميني ) ، حول أحقية منصب ولاية الفقيه من مجرد منصب إرشادي كما يرى منتظري، إلى ظل الله على أرضه كما أراد ( الخميني ) ، إلا الدستور الإيراني تم الإقرار فيه بولاية الفقيه كمرشد أعلى للثورة ومتحكم في كل شؤون الدولة الإيرانية الحديثة، وإن ظلت كلمة (مطلقة) غائبة من الدستور حتى عام 1989، في التعديلات الدستورية الأخيرة.

فما صرح به ( آية الله أحمد جنتي ) ومن قبله ( آية الله مصباح يزدي ) ، لا يعبر فقط عن الوضع السياسي الراهن، ولكن يأتي متسقاً بشكل كامل مع طبيعة الدولة الدينية، فرغم الخلاف الذي مازال قائماً في بعض أروقة الحوزة الدينية في قم، على يد بعض المجددين في النظرية الدينية لولاية الفقيه، مثل ( آية الله صانعي ) أو تلامذة منتظري الذي كان يعتبر إلى ما قبل وفاته بقليل أن كل مفاسد الجمهورية الإيرانية ، من بطش وقمع لهو ناتج عن الحاكمية المطلقة للفقيه، فيجب أن يتم تحديد صلاحيات الولي الفقيه ، وإلا دب الانهيار الكامل في جسد الثورة، إلا أن الحكم النهائي يُجسده الولي الفقيه المطلق، المتجسد في شخص ( علي خامنئي ) ...

فالولي الفقيه هو إعادة تجسيد لحالة الحاكم المقدس المطلق ، الممنوح السلطة الإلهية من قبل الله ، أي صياغة ما يتسق مع نظرية الحكم التي نمت عليها الدولة الإيرانية منذ العهود التاريخية الأولى .
 
ويبقى لدينا الضلع الأخير في مثلث الدولة الإيرانية، وهو الحرس المقدس ، الذي اتخذ اسم الحرس الثوري في بداية الثورة الإيراني ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مختصر مفيد.. اعتقد أن الشعب السوري بات يدرك أن " نظامه الحاكم " بشكله وتركيبته التي عُرف بها قد أنتهى، وأن ما تبقى منه على الارض...